فإنه ليس فيه عيب، ولا يحصل بسببه نقصان، فإذا لم يستقبح ذلك منه في حق نفسه فلان لا يستقبح من غيره طلب الدلائل كان أولى، فثبت أن المقصود بهذا الكلام استمالة القوم وإزالة الحياء عنهم في تكثير المناظرات الخامس أن يكون التقدير إنك لست بشاك البتة، ولو كنت شاكا لكان لك طرق كثيرة في إزالة ذلك الشك، كقوله تعالى: " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا (1) " و المعنى لو فرض ذلك الممتنع واقعا لزم منه المحال الفلاني، وكذلك ههنا لو فرضنا وقوع هذا الشك فارجع إلى التوراة والإنجيل لتعرف بهما أن هذا الشك زائل، وهذه الشبهة باطلة.
السادس: قال الزجاج: إن الله تعالى خاطب الرسول صلى الله عليه وآله وهو يتناول الخلق كقوله: " إذا طلقتم النساء " قال القاضي: هذا بعيد، لأنه متى قيل: الرسول داخل تحت هذا الخطاب فقد عاد السؤال (2).
السابع: أن لفظ " إن " للنفي، يعني لا نأمرك بالسؤال لأنك شاك، لكن لتزداد يقينا، كما ازداد إبراهيم عليه السلام بمعاينة إحياء الموتى يقينا، وأما الوجه الثاني وهو أن يقال: هذا الخطاب ليس مع الرسول، وتقريره أن الناس في زمانه كانوا فرقا ثلاثة:
المصدقون به، والمكذبون له، والمتوقفون في أمره (3)، فخاطبهم الله تعالى بهذا الخطاب فقال: فإن كنت أيها الانسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد صلى الله عليه وآله فاسأل أهل الكتاب ليدلوك على صحة نبوته، وإنما وحد الله تعالى وهو يريد الجمع،