بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٤٥
أقول: على أنه يحتمل أن يكون من قبيل الخطاب العام، أو يكون الخطاب متوجها إليه صلى الله عليه وآله والمراد به أمته كما مر مرارا، وسيأتي تأويل قوله تعالى: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى " في باب قصة بدر.
قوله تعالى: " عفا الله عنك " قال الرازي في تفسيره: احتج بعضهم بهذه الآية على صدور الذنب عن الرسول صلى الله عليه وآله من وجهين:
الأول: أنه تعالى قال: " عفى الله عنك " والعفو يستدعي سابقة الذنب.
والثاني: أنه تعالى قال: " لم أذنت لهم " وهذا استفهام بمعنى الانكار، فدل هذا على أن ذلك الاذن كان معصية.
والجواب عن الأول لا نسلم أن قوله: " عفا الله عنك " يوجب الذنب " ولم لا يجوز أن يقال: إن ذلك يدل على مبالغة الله تعالى في تعظيمه وتوقيره، كما يقول الرجل لغيره إذا كان معظما عنده: عفا الله عنك ما صنعت في أمري، ورضي الله عنك ما جوابك عن كلامي، وعافاك الله لا عرفت حقي، فلا يكون غرضه من هذا الكلام إلا مزيد التبجيل و التعظيم، وقال علي بن الجهم فيما يخاطب به المتوكل وقد أمر بنفيه:
عفا الله عنك ألا حرمة * يجوز بفضلك عن ابعدا والجواب عن الثاني: أن نقول: لا يجوز أن يكون المراد بقوله: " لم أذنت لهم (1) " الانكار، لأنا نقول: إما أن يكون صدر عن الرسل ذنب في هذه الواقعة أو لم يصدر عنه ذنب، فإن قلنا: إنه ما صدر عنه امتنع على هذا التقدير أن يكون قوله: " لم أذنت لهم " انكارا عليه، وإن قلنا: إنه كان قد صدر عنه ذنب فقوله: " عفا الله عنك لم أذنت لهم " يدل على حصول العفو عنه، وبعد حصول العفو عنه يستحيل أن يتوجه الانكار عليه، فثبت، أن على جميع التقادير يمتنع أن يقال: إن قوله: " لم أذنت لهم " يدل على كون الرسول صلى الله عليه وآله مذنبا، وهذا جواب شاف قاطع، وعند هذا يحمل قوله: لم " أذنت لهم "

(1) معنى الآية: أنك لم أذنت لهم وكان الأولى أن لا تأذن لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين، وليس فيها عتاب عليه، بل فيها إشارة إلى أنك لو لم تكن أذنت لهم لكان يظهر لك المنافقون والكاذبون.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390