بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٤٦
على ترك الأولى والأكمل، لا سيما وهذه الواقعة كانت من أحسن ما يتعلق بالحروب و مصالح الدنيا انتهى (1).
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب تنزيه الأنبياء: أما قوله تعالى " عفا الله عنك " فليس يقتضي وقوع معصية، ولا غفران عقاب، ولا يمتنع أن يكون المقصد (2) به التعظيم والملاطفة في المخاطبة، لان أحدنا قد يقول لغيره إذا خاطبه: أرأيت رحمك الله و غفر الله لك، وهو يقصد إلى الاستصفاح له عن عقاب ذنوبه، بل ربما لم يخطر بباله أن له ذنبا، وإنما الغرض الاجمال في المخاطبة، واستعمال ما قد صار في العادة علما على تعظيم المخاطب وتوقيره، وأما قوله تعالى: " لم أذنت لهم " فظاهره الاستفهام، والمراد به التقرير واستخراج ذكر علة إذنه، وليس بواجب حمل ذلك على العتاب، لان أحدنا قد يقول لغيره: لم فعلت كذا وكذا؟ تارة معاتبا، وأخرى مستفهما، وتارة مقررا، فليست هذه اللفظة خاصة للعتاب والانكار، وأكثر ما يقتضيه وغاية ما يمكن أن يدعى فيها أن تكون دالة على أنه صلى الله عليه وآله ترك الأولى والأفضل، وقد بينا أن ترك الأولى ليس بذنب، وإن كان الثواب ينقص معه، فإن الأنبياء عليهم السلام يجوز أن يتركوا كثيرا من النوافل، وقد يقول أحدنا لغيره إذا ترك الندب: لم تركت الأفضل؟ ولم عدلت عن الأولى؟ ولا يقتضي ذلك إنكارا ولا قبيحا (3) انتهي كلامه، زيد إكرامه.
أقول: يجوز أن يكون إذنه صلى الله عليه وآله لهم حسنا موافقا لامره تعالى، ويكون العتاب متوجها إلى المستأذنين الذين علم الله من قبلهم النفاق، أو إلى جماعة حملوا النبي صلى الله عليه وآله على ذلك كما مر مرارا، ومن هذا القبيل قوله تعالى: " يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله (4) " ولا تنافي بين كون استيذانهم حراما وإذنه صلى الله عليه وآله بحسب ما يظهرونه من الاعذار ظاهرا واجبا أو مباحا، أو تركا للأولى

(١) مفاتيح الغيب ٤ -: ٦٥١.
(٢) في المصدر: أن يكون المقصود به.
(٣) تنزيه الأنبياء: ١١٤.
(٤) المائدة: ١١٦.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390