بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٤٨
ذلك أقوى تأثيرا في قلوبهم الثاني: أنه تعالى علم أن الرسول لم يشك في ذلك، إلا أن المقصود أنه متى سمع هذا الكلام فإنه يصرح ويقول: يا رب لا أشك ولا أطلب الحجة، من قول أهل الكتاب بل يكفيني ما أنزلته علي من الدلائل الظاهرة، ونظيره قوله تعالى للملائكة: " أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون (1) " وكما قال لعيسى عليه السلام: " أأنت قلت (2) " والمقصود منه أن يصرح عيسى عليه السلام بالبراءة من ذلك فكذا هنا، والثالث: هو أن محمدا صلى الله عليه وآله كان من البشر وكان حصول الخواطر المشوشة والأفكار المضطربة في قلبه من الجائزات، وتلك الخواطر لا تندفع إلا بإيراد الدلائل وتقرير البينات، فهو تعالى أنزل هذا النوع من التقريرات حتى أن بسببها يزول (3) عن خاطره تلك الوسواس، ونظيره قوله تعالى: " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك (4) " وأقول: تمام التقرير في هذا الباب أن قوله: إن كنت (5) في شك فافعل كذا وكذا، قضية شرطية، والقضية الشرطية لا إشعار فيها البتة بأن الشرط وقع، أو لم يقع، ولا بأن الجزاء وقع أو لم يقع، بل ليس فيها إلا بيان أن ماهية ذلك الشرط مستلزمة لماهية ذلك الجزاء فقط، فالفائدة في إنزال هذه الآية تكثير الدلائل وتقويتها بما يزيد في قوة اليقين، وطمأنينة النفس، وسكون الصدر، ولهذا السبب أكثر الله في كتابه من تقرير دلائل التوحيد والنبوة.
الرابع: أن المقصود استمالة قلوب الكفار وتقريبهم من قبول الايمان، وذلك لأنهم طالبوه مرة بعد أخرى بما يدل على صحة نبوته، وكأنهم استحيوا من تلك المعاودات والمطالبات، فصار مانعا لهم من قبول الايمان (6)، فقال تعالى: وإن كنت في شك من من نبوتك فتمسك بالدليل الفلاني، يعني إن أولى الناس أن لا يشك في نبوته هو نفسه، ثم مع هذا إن طلب هو من نفسه دليلا على نبوة نفسه بعد ما سبق من الدلائل الباهرة

(١) سبأ: ٤٠.
(٢) المائدة: ١١٦.
(٣) في المصدر: تزول.
(٤) هود: ١٢.
(5) في المصدر: فان كنت.
(6) في المصدر: وذلك الاستحياء صار مانعا لهم عن قبول الايمان.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390