قال الطبرسي رحمه الله: قال ابن عباس: ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله آية كانت أشد عليه ولا أشق من هذه الآية، ولذلك قال لأصحابه: - حين قالوا له: أسرع إليك الشيب يا رسول الله - شيبتني. هود والواقعة (1).
قوله تعالى: " ولئن اتبعت أهوائهم " قد مر الكلام في مثله فلا نعيده، قال الطبرسي رحمه الله: خطاب للنبي صلى الله عليه وآله، والمراد به الأمة " من ولي " أي ناصر يعينك عليه، ويمنعك من عذابه " ولا واق " يقيك منه (2) قوله تعالى: " لا تجعل مع الله إلها آخر " قال الرازي: قال المفسرون: هذا في الظاهر خطاب للنبي صلى الله عليه وآله، ولكن المعنى (3) عام لجميع المكلفين، ويحتمل أيضا أن يكون الخطاب للانسان، كأنه قيل: أيها الانسان لا تجعل مع الله إلها آخر، وهذا الاحتمال عندي أولى، لأنه تعالى عطف عليه قوله: " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " إلى قوله: " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما " وهذا لا يليق بالنبي صلى الله عليه وآله، لان أبويه ما بلغا الكبر عنده، فعلمنا أن المخاطب بهذا هو نوع الانسان، وأما قوله:
" فتقعد " ففيه وجوه:
الأول: أن معناه المكث، أي فتمكث في الناس مذموما مخذولا، وهذا معنى شائع لهذا اللفظ في عرف العرب والقرس (4).
الثاني: أن من شأن المذموم المخذول أن يقعد نادما متفكرا على ما فرط منه.
الثالث: أن المتمكن من تحصيل الخيرات يسعى في تحصيلها، والسعي إنما يتأتي بالقيام، وأما العاجز عن تحصيلها فإنه لا يسعى بل يبقى جالسا قاعدا عن الطلب (5)