بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٣٨
أقول: كون الامر في الاهلاك والتعذيب وقبول التوبة إلى الله تعالى لا ينافي عصمته صلى الله عليه وآله بوجه، وأما الخبر ان فغير ثابتين، ومع ثبوتهما أيضا لا ينافي العصمة، لان الدعاء عليهم لم يكن منهيا عنه قبل ذلك، وإنما أمره تعالى بالكف لنوع من المصلحة، وبعد النهي لم يدع عليهم، وقد أثبتنا في باب وجوب طاعته صلى الله عليه وآله الأخبار الواردة في تأويل تلك الآية.
قوله تعالى: " بما أراك الله " قال الرازي في تفسيره: أي بما أعلمك الله، وسمي ذلك العلم بالرؤية لان العلم اليقيني المبرأ عن جهات الريب يكون جاريا مجرى الرؤية في القوة والظهور، قال المحققون: هذه الآية تدل على أنه صلى الله عليه وآله ما كان يحكم إلا بالوحي والنص، واتفق المفسرون على أن أكثر الآيات في طعمة (1) سرق درعا، فلما طلبت الدرع منه رمى واحدا من اليهود بتلك السرقة، ولما اشتدت الخصومة بين قومه وبين قوم اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وطلبوا منه أن يعينهم على هذا المقصود، وأن يلحق هذه الخيانة باليهودي، فهم الرسول صلى الله عليه وآله بذلك فنزلت الآية.
" ولا تكن للخائنين خصيما " أي لا تكن لأجل الخائنين مخاصما لمن كان بريئا عن الذنب، يعنى لا تخاصم اليهود لأجل المنافقين، قال الطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام: دلت هذه الآية على صدور الذنب من الرسول صلى الله عليه وآله، فإنه لولا أن الرسول صلى الله عليه وآله أراد أن يخاصم لأجل الخائن ويذب عنه لما ورد النهي عنه، والجواب أنه صلى الله عليه وآله كان لم يفعل ذلك وإلا لم يرد النهي عنه (1)، بل ثبت في الرواية أن قوم طعمة لما التمسوا من الرسول صلى الله عليه وآله أن يذب عن طعمة وأن يلحق السرقة باليهودي توقف وانتظر الوحي فنزلت هذه الآية، وكان الغرض من هذا النهي تنبيه النبي صلى الله عليه وآله على أن طعمة كذاب، وأن اليهودي برئ عن ذلك الجرم.
فإن قيل: الدليل على أن ذلك الجرم قد وقع من النبي صلى الله عليه وآله قوله بعد هذه الآية

(1) هو طعمة بن أبيرق بن عمرو بن حارثة بن ظفر بن الخزرج بن عمرو الأنصاري.
(2) الموجود في المصدر: والجواب أن النهى عن الشئ لا يقتضى كون المنهى فاعلا للمنهى عنه.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390