لا تختلف باختلاف الملل والشرائع.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ " أي ينخسنك منه نخس، أي وسوسة تحملك على خلاف ما أمرت به كاعثراء غضب وفكر (1).
وقال الرازي: احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام بهذه الآية وقالوا: لولا أنه يجوز من الرسول الاقدام على المعصية والذنب لم يقل له ذلك.
والجواب عنه من وجوه:
الأول أن حاصل هذا الكلام أنه تعالى قال: إن حصل في قلبك من الشيطان نزغ، ولم يدل ذلك على الحصول، كما أنه تعالى قال: " لئن أشركت ليحبطن عملك (2) " ولم يدل ذلك على أنه أشرك، وقال " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا (3) " ولم يدل ذلك على أنه حصل فيهما آلهة.
الثاني: هب أنا سلمنا أن الشيطان يوسوس إلى الرسول صلى الله عليه وآله، إلا أن هذا لا يقدح في عصمته صلى الله عليه وآله، إنما القادح في عصمته لو قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسوسته، والآية لا تدل على ذلك، وعن الشعبي قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وآله: " ما من إنسان إلا ومعه شيطان قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا، لكنه أسلم بعون الله، ولقد أتاني فأخذت بحلقه، ولولا دعوة سليمان عليه السلام لأصبحن في المسجد طريحا، " وهذا كالدلالة على أن الشيطان يوسوس إلى الرسول صلى الله عليه وآله.
الثالث: هب أنا سلمنا أن الشيطان يوسوس إليه، وأنه صلى الله عليه وآله يقبل أثر وسوسته، إلا أنا نخص هذه الحالة بترك الأفضل والأولى، قال صلى الله عليه وآله: " وإنه ليران (4) على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة " انتهي (5).