بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٤١
مواطن الصبر، فإن ذلك من دأب الجهلة (1).
وقال الرازي: المقصود من أول الآية أن يقطع الرسول صلى الله عليه وآله طمعه عن إيمانهم، وأن لا يتأذى بسبب إعراضهم عن الايمان، وقوله: " فلا تكونن من الجاهلين " هذا النهي لا يقتضي إقدامه على مثل تلك الحالة، كما أن قوله: " ولا تطع الكافرين والمنافقين " لا يدل على أنه صلى الله عليه وآله أطاعهم قبل (2)، بل المقصود أنه لا ينبغي أن يشتد تحسرك على تكذيبهم، ولا يجوز أن تحزن (3) من إعراضهم عنك، فإنك إن فعلت ذلك قرب حالك من حال الجاهل (4) وقال في قوله تعالى: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم " روي عن عبد الله ابن مسعود أنه قال: مر الملا من قريش على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده صهيب وخباب وبلال وعمار وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء عن قومك؟ أفنحن نكون تبعا لهؤلاء؟ اطردهم عن بيتك، فلعلك إن طردتهم اتبعناك، فقال صلى الله عليه وآله: ما أنا بطارد المؤمنين، فقالوا: فأقمهم عنا إذا جئنا، فإذا قمنا فأقعدهم معك إن شئت، فقال: نعم طمعا في إيمانهم، روي أن عمر قال له: لو فعلت ذلك حتى ننظر إلى ما يصيرون (5) ثم ألحوا وقالوا للرسول صلى الله عليه وآله: اكتب بذلك كتابا، فدعا بالصحيفة فنزلت الآية (6)، واعتذر عمر من مقالته، فقال سلمان وخباب: فينا نزلت، فكان رسول الله يقعد معنا وندنوا منه حتى يمس ركبنا ركبته، وكان يقوم عنا إذا أراد القيام، فنزل قوله: " واصبر نفسك " فترك القيام عنا إلى أن نقوم عنه، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمتي، معكم المحيا ومعكم الممات.
ثم قال: احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء بهذه الآية من وجوه:

(1) أنوار التنزيل 1: 377.
(2) في المصدر: وقبل دينهم.
(3) في المصدر: أن تجزع.
(4) مفاتيح الغيب 4: 53.
(5) في المصدر: إلى ماذا يصيرون.
(6) في المصدر: فدعا بالصحيفة وبعلي عليه السلام ليكتب فنزلت هذه الآية فرمى الصحيفة
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390