الأول: إنه صلى الله عليه وآله طردهم والله تعالى نهاه عن ذلك الطرد، وكان ذلك الطرد ذنبا.
والثاني: إنه تعالى قال: " فتطردهم فتكون من الظالمين " وقد ثبت أنه طردهم، فيلزم أن يقال: إنه كان من الظالمين.
والثالث: إنه تعالى حكى عن نوح عليه السلام أنه قال: " وما أنا بطارد المؤمنين (1) " ثم إنه تعالى أمر محمدا صلى الله عليه وآله بمتابعة الأنبياء في جميع الاعمال الحسنة، إنه قال: (2) " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده (3) " وبهذا الطريق وجب على محمد صلى الله عليه وآله أن لا يطردهم، فلما طردهم كان ذلك ذنبا.
الرابع: إنه تعالى ذكر هذه الآية في سورة الكهف فزاد فيها فقال: " تريد زينة الحياة الدنيا (4) " ثم إنه تعالى نهاه عن الالتفات إلى زينة الحياة الدنيا في آية أخرى فقال: " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا (5) " فكان ذلك ذنبا.
والخامس: نقل أن أولئك الفقراء كلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله بعد هذه الواقعة فكان صلى الله عليه وآله يقول: مرحبا بمن عاتبني ربي فيهم، أو لفظا هذا معناه، وذلك يدل أيضا على الذنب.
والجواب عن الأول إنه صلى الله عليه وآله ما طردهم لأجل الاستخفاف بهم، والاستنكاف من فقرهم، وإنما عين (6) لجلوسهم وقتا معينا سوى الوقت الذي كان يحضر فيه أكابر قريش،