بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٣٩
" واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما " فلما أمره الله تعالى بالاستغفار دل على سبق الذنب فالجواب من وجوه: الأول لعله مال طبعه إلى نصرة طعمة، بسبب أنه كان ظاهرا من المسلمين، فامر بالاستغفار لهذا القدر، وحسنات الأبرار سيئات المقربين.
الثاني: إن القوم لما شهدوا على سرقة اليهودي وعلى براءة طعمة من تلك السرقة ولم يظهر للرسول صلى الله عليه وآله ما يوجب القدح في شهادتهم هم أن يقضي بالسرقة على اليهودي، ثم لما اطلعه الله على كذب هؤلاء الشهود عرف أن ذلك القضاء لو وقع كان خطأ (1)، و استغفاره كان بسبب أنه هم بذلك الحكم الذي لو وقع لكان خطأ في نفسه، وإن كان معذورا عند الله فيه.
الثالث: قوله: " واستغفر الله " يحتمل أن يكون المراد واستغفر الله لأولئك الذين يذبون عن طعمة، ويريدون أن يظهروا براءته عن السرقة (2)، والمراد بالذين يختانون أنفسهم طعمة ومن عاونه من قومه ممن علم كونه سارقا، والاختيان: الخيانة، وإنما قال:
" يختانون أنفسهم، لان من أقدم على المعصية فقد حرم نفسه الثواب، وأوصلها إلى العقاب، فكان ذلك منه خيانة مع نفسه " من كان خوانا أثيما " أي طعمة، حيث خان في الدرع، وأثم في نسبة اليهودي إلى تلك السرقة (2).
قوله تعالى: " ولولا فضل الله عليك ورحمته " أي لولا أن الله خصك بالفضل وهو النبوة وبالرحمة وهي العصمة " لهمت طائفة منهم أن يضلوك " أي يلقونك في الحكم الباطل الخطاء " وما يضلون إلا أنفسهم " بسبب تعاونهم على الاثم والعدوان، وشهادتهم بالزور والبهتان " وما يضرونك من شئ " فيه وجهان: أحدهما ما يضرونك من شئ في المستقبل، فوعده تعالى في هذه الآية إدامة العصمة لما يريدون (4) من إيقاعه في الباطل.

(1) في المصدر: لكان خطاءا، فكان استغفاره.
(2) في المصدر: بعد ذلك: ثم قال تعالى: ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما.
(3) مفاتيح الغيب 3: 307 و 308.
(4) في المصدر: فوعده الله تعالى في هذه الآية بإدامة العصمة له مما يريدون.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390