بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٤٠
والثاني: المعنى أنهم وإن سعوا في إلقائك في الباطل فأنت ما وقعت في الباطل لأنك بنيت الامر على ظاهر الحال، وأنت ما أمرت إلا ببناء الاحكام على الظواهر " وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة " فعلى الأول المعنى لما انزل عليك الكتاب والحكمة وأمرك بتبليغ الشريعة إلى الخلق فكيف يليق بحكمته أن لا يعصمك عن الوقوع في الشبهات والضلالات؟ وعلى الثاني المعنى أنزل عليك الكتاب والحكمة، وأوجب فيهما بناء أحكام الشرع على الظاهر، فكيف يضرك بناء الامر على الظاهر " وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما " فيه وجهان: الأول أن يكون المراد ما يتعلق بالدين، أي أنزل الله عليك الكتاب والحكمة وأطلعك على سرائرهما (1)، وأوقفك على حقائقهما، مع أنك ما كنت قبل ذلك عالما بشئ منها، فكذلك يفعل بك في مستأنف أيامك ما لا يقدر أحد من المنافقين على إضلالك وإزلالك (2).
الثاني أن يكون المراد وعلمك ما لم تكن تعلم من أخبار الأولين، فكذلك يعلمك من حيل المنافقين، ووجوه كيدهم ما تقدر على الاحتراز عن وجوه كيدهم ومكرهم انتهى ملخص كلامه (3)، وسيأتي شرح تلك القصة في باب ما جرى بينه صلى الله عليه وآله وبين المنافقين وأهل الكتاب.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " وإن كان كبر عليك " أي عظم وشق إعراضهم عنك وعن الايمان بما جئت به " فإن استطعت " إلى قوله: " بآية " أي منفذا تنفذ فيه إلى جوف الأرض فتطلع لهم آية أو مصعدا تصعد إلى السماء فتنزل منها آية، وجواب الشرط الثاني محذوف، تقديره فافعل، والجملة هو جواب الأول، والمقصود بيان حرصه البالغ على إسلام قومه، وإنه لو قدر أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لاتي بها رجاء إيمانهم " ولو شاء الله لجمعهم على الهدى " بأن يأتيهم بآية ملجئة، ولكن لم يفعل لخروجه عن الحكمة " فلا تكونن من الجاهلين " بالحرص على ما لا يكون، والجزع في

(1) في المصدر: على أسرارهما وهو الصحيح (2) أزله أي حمله على الزلل.
(3) مفاتيح الغيب 3: 310.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390