لما حملت إليه جنازة البراء بن معرور ليصلي عليه قال: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يا رسول الله إنه ذهب في حاجة رجل من المسلمين إلى قبا، فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يصل عليه، قالوا: يا رسول الله مالك لا تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عز وجل أمرني أن أؤخر الصلاة عليه إلى أن يحضره علي (1) فيجعله في حل مما كلمه به بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله، ليجعل الله موته بهذا السم كفارة له، فقال بعض (2) من حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وشاهد الكلام الذي تكلم به البراء: يا رسول الله إنما كان مزحا مازح به عليا لم يكن منه جدا فيؤاخذه الله عز وجل بذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو كان ذلك منه جدا لأحبط الله تعالى أعماله كلها، ولو كان تصدق بمثل (3) ما بين الثرى إلى العرش ذهبا وفضة، ولكنه كان مزحا وهو في حل من ذلك إلا إن رسول الله صلى الله عليه وآله يريد أن لا يعتقد أحد منكم أن عليا عليه السلام واجد (4) عليه فيجدد بحضرتكم إحلالا (5)، ويستغفر له ليزيده الله عز وجل بذلك قربة ورفعة في جنانه، فلم يلبث أن حضر علي بن أبي طالب عليه السلام، فوقف قبالة الجنازة، وقال، رحمك الله يا براء، فلقد كنت صواما قواما، ولقد مت في سبيل الله وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ولو كان أحد من الموتى يستغني عن صلاة رسول الله لاستغنى صاحبكم هذا بدعاء علي عليه السلام له، ثم قام فصلى عليه ودفن فلما انصرف وقعد في العزاء (6) قال: أنتم يا أولياء البراء بالتهنية أولى منكم بالتعزية، لان صاحبكم عقد له في الحجب قباب من السماء الدنيا إلى السماء السابعة: وبالحجب كلها إلى الكرسي إلى ساق العرش
(٣٢٠)