يزدادون إلا نشاطا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هات الحمل، فلما أتى به قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن ضع الحمل في وسط البيت، فوضعه، فقال عبد الله: يا رسول الله كيف تناله أيديهم؟ فقال رسول الله: إن الذي وسع هذا البيت وعظمه حتى وسع جماعتهم وفضل عنهم هم الذي يطيل أيديهم حتى تنال هذا الحمل، قال: فأطال الله تعالى أيديهم حتى نالت ذلك، فتناولوا منه وبارك (1) في ذلك الحمل حتى وسعهم وأشبعهم وكفاهم، فإذا هو بعد أكلهم لم يبق منه إلا عظامه، فلما فرغوا منه طرح عليه رسول الله صلى الله عليه وآله منديلا له ثم قال: يا علي اطرح عليه الحريرة الملبقة (2) بالسمن والعسل، ففعل، فأكلوا منه حتى شبعوا كلهم وأنفدوه، ثم قالوا: يا رسول الله نحتاج إلى لبن أو شراب نشربه عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن صاحبكم أكرم على الله من عيسى عليه السلام، أحيى الله تعالى له الموتى، وسيفعل ذلك لمحمد، ثم بسط منديله ومسح يده عليه وقال: (اللهم كما باركت فيها فأطعمتنا من لحمها فبارك فيها وأسقنا من لبنها) قال: فتحركت وبركت وقامت وامتلأ ضرعها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ايتوني بأزقاق وظروف وأوعية ومزادات، فجاءوا بها (3) فملأها فسقاهم حتى شربوا (4) ورووا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لولا أني أخاف أن يفتتن بها أمتي كما افتتن بنو إسرائيل بالعجل فاتخذوه ربا من دون الله لتركتها تسعى في أرض الله، وتأكل من حشائشها، ولكن اللهم أعدها عظاما كما أنشأتها فعادت عظاما مأكولا ما عليها من اللحم شئ، وهم ينظرون، قال:
فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يتذاكرون بعد ذلك توسعة الله البيت، وتكثيره الطعام، ودفعه غائلة السم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني إذا تذكرت ذلك البيت كيف وسعه الله بعد ضيقه، وفي تكثير ذلك الطعام بعد قلته، وفي ذلك السم كيف أزال الله تعالى غائلته عن