تقل: لم قلت كذا؟ ولا طالبتني بحجة فعجزت عنها، فقال الحارث: صدقت أنا أمتحن أمرك.
بآية أطالبك بها، إن كنت نبيا فادع تلك الشجرة - يشير بشجرة عظيمة بعيد عمقها - فإن أتتك علمت أنك رسول الله صلى الله عليه وآله، وشهدت لك بذلك، وإلا فأنت ذلك المجنون الذي قيل لي، فرفع رسول الله يده إلى تلك الشجرة، وأشار إليها أن تعالى فانقلعت تلك الشجرة بأصولها وعروقها، وجعلت تخد في الأرض أخدودا (1) عظيما كالنهر حتى دنت من رسول الله صلى الله عليه وآله فوقفت بين يديه، ونادت بصوت فصيح: ها (2) أنا ذا يا رسول الله ما تأمرني؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: دعوتك لتشهد لي بالنبوة بعد شهادتك لله بالتوحيد، ثم تشهدي بعد شهادتك لي لعلي هذا بالإمامة، وأنه سندي وظهري وعضدي وفخري وعزي (3)، ولولاه ما خلق الله (4) عز وجل شيئا مما خلق، فنادت أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنك يا محمد عبده ورسوله، أرسلك بالحق بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا، وأشهد أن عليا ابن عمك هو أخوك في دينك، أوفر خلق الله من الدين حظا، وأجز لهم من الاسلام نصيبا، وأنه سندك وظهرك، قامع أعدائك، ناصر (5) أوليائك باب علومك في أمتك، وأشهد أن أولياءك الذين يوالونه ويعادون أعداءه حشو الجنة وأن أعداءه الذين يوالون أعداءه ويعادون أولياءه (6) حشو النار، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الحارث بن كلدة فقال: يا حارث أو مجنونا يعد من هذه آياته؟ فقال الحارث بن كلدة لا والله يا رسول الله، ولكني أشهد أنك رسول (7) رب العالمين، وسيد الخلق أجمعين، وحسن إسلامه.
وأما كلام الذراع المسمومة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من خيبر إلى المدينة