إليهم أتوه بعنز حايل (1) فمسح صلى الله عليه وآله ضرعها فصارت حاملا ودرت حتى ملأوا الاناء وارتووا.
ومن ذلك أنه نزل بأم شريك فأتته بعكة فيها سمن يسير، فأكل هو أصحابه، ثم دعا لها بالبركة فلم تزل العكة تصب سمنا أيام حياتها.
ومن ذلك أن أم جميل امرأة أبي لهب أتته حين نزلت سورة تبت ومع النبي صلى الله عليه وآله أبو بكر بن أبي قحافة، فقال: يا رسول الله هذه أم جميل محفظة، أي مغضبة تريدك، ومعها حجر تريد أن ترميك به، فقال: إنها لا تراني، فقالت لأبي بكر: أين صاحبك؟ قال:
حيث شاء الله، قالت: لقد جئته ولو أراه لرميته فإنه هجاني، واللات والعزى إني لشاعرة فقال أبو بكر: يا رسول الله لم ترك؟ قال: لا، ضرب الله بيني وبينها حجابا.
ومن ذلك كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين، مع ما أعطي من الخلال (2) التي إن ذكرناها لطالت فقالت اليهود: وكيف لنا بأن (3) نعلم أن هذا كما وصفت؟ فقال لهم موسى عليه السلام.
وكيف لنا بأن (4) نعلم أن ما تذكرون من آيات موسى صلى الله عليه على ما تصفون؟
قالوا: علمنا ذلك بنقل البررة الصادقين، قال لهم: فاعلموا صدق ما أتيناكم (5) به بخبر طفل (6) لقنه الله من غير تلقين ولا معرفة عن الناقلين، فقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنكم الأئمة والقادة والحجج من عند الله على خلقه، فوثب أبو عبد الله عليه السلام فقبل بين عيني، ثم قال: أنت القائم من بعدي - فلهذا قالت الواقفة: إنه حي، وإنه القائم - ثم كساهم أبو عبد الله عليه السلام ووهب لهم وانصرفوا مسلمين (7).