أن يجمع (1) التواري - يعني قصاعا كانت من خشب - والجفان، ثم قال: ما عندكم من الطعام؟ فأعلمته، فقال: غطوا السدانة (2) والبرمة والتنور واغرفوا، وأخرجوا الخبز و اللحم وغطوا، فما زالوا يغرفون وينقلون ولا يرونه ينقص شيئا حتى شبع القوم وهم ثلاثة آلاف، ثم أكل جابر وأهله وأهدوا وبقي عندهم أياما.
ومن ذلك أن سعد بن عبادة الأنصاري أتاه عشية وهو صائم فدعاه إلى طعامه، و دعا معه علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما أكلوا قال النبي صلى الله عليه وآله: نبي ووصي أيا سعد (3) أكل طعامك الأبرار، وأفطر عندك الصائمون، وصلت عليكم الملائكة، فحمله سعد على حمار قطوف، وألقى عليه قطيفة، فرجع الحمار وإنه لهملاج ما يساير.
ومن ذلك أنه أقبل من الحديبية وفي الطريق ماء يخرج من وشل بقدر ما يروي الراكب والراكبين، فقال: من سبقنا إلى الماء فلا يستقين منه، فلما انتهى إليه دعا بقدح فتمضمض فيه ثم صبه في الماء، ففاض الماء فشربوا وملأوا أداواهم ومياضيهم وتوضؤوا، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لان بقيتم وبقى (4) منكم ليسقين (5) بهذا الوادي يسقى ما بين يديه من كثرة مائه، فوجدوا ذلك كما قال.
ومن ذلك إخباره عن الغيوب وما كان وما يكون فوجدوا ذلك موافقا لما يقول.
ومن ذلك أنه أخبر صبيحة الليلة التي أسري به بما رأى في سفره، فأنكر ذلك بعض وصدقه بعض، فأخبرهم بما رأى من المارة والممتارة، وهيأتهم ومنازلهم وما معهم من الأمتعة وأنه رأى عيرا أمامها بعير أورق، وأنه يطلع يوم كذا من العقبة مع طلوع الشمس، فعدوا يطلبون تكذيبه للوقت الذي وقته لهم، فلما كانوا هناك طلعت الشمس، فقال بعضهم: كذب الساحر، وبصر آخرون بالعير قد أقبلت يقدمها الأورق فقالوا: صدق، هذه، نعم قد أقبلت.