يعني في مجالس الكفار والفساق الذين يظهرون التكذيب بالقرآن والآيات والاستهزاء بذلك، قال الجبائي: وفي هذه الآية دلالة على بطلان قول الإمامية في جواز التقية على الأنبياء والأئمة، وأن النسيان لا يجوز على الأنبياء، وهذا القول غير صحيح ولا مستقيم، لان الامامية إنما تجوز التقية على الامام فيما يكون عليه دلالة قاطعة توصل إلى العلم ويكون المكلف مزاح العلة في تكليفه ذلك، فأما ما لا يعرف إلا بقول الامام من الاحكام ولا يكون على ذلك دليل إلا من جهته فلا يجوز عليه التقية فيه، وهذا كما إذا تقدم من النبي صلى الله عليه وآله بيان في شئ من أحكام الشريعة، فإنه يجوز منه أن لا يبين في حال أخرى لامته ذلك الشئ إذا اقتضته المصلحة، وأما النسيان والسهو فلم يجوز وهما عليهم فيما يؤدونه عن الله تعالى، فأما ما سواه فقد جوزوا عليهم أن ينسوه أو يسهو عنه ما لم يؤد ذلك إلى إخلال بالعقل، وكيف لا يكون كذلك وقد جوزوا عليهم النوم و الاغماء وهما من قبيل السهو، فهذا ظن منه فاسد، وبعض الظن إثم انتهى كلامه رحمه الله (1).
وفيه من الغرابة ما لا يخفى، فإنا لم نر من أصحابنا من جوز عليهم السهو مطلقا في غير التبليغ، وإنما جوز الصدوق وشيخه الاسهاء من الله لنوع من المصلحة، ولم أر من صرح بتجويز السهو الناشي من الشيطان عليهم، مع أن ظاهر كلامه يوهم عدم القول بنفي السهو مطلقا بين الامامية، إلا أن يقال: مراده عدم اتفاقهم على ذلك، وأما النوم فستعرف ما فيه، فالأصوب حمل الآية على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله ظاهرا، والمراد غيره، أو هو من قبيل الخطاب العام (2) كما عرفت في الآيات السابقة في الباب المقدم، و العجب أن الرازي تعرض لتأويل الآية مع أنه لا يأبى عن ظاهره مذهبه: وهو رحمه الله أعرض عنه.
قال الرازي في تفسيره: إنه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد غيره، وقيل: الخطاب لغيره، أي إذا رأيت أيها السامع " الذين يخوضون في آياتنا " ونقل الواحدي أن