بأن وعد الله تعالى حق لا يخلف، فامتن الله عليه بنعمة سبقت الامتنان وتقدمته.
والوجه الآخر (1): أن يكون اللفظ وإن كان ظاهره للماضي (2) فالمراد به الاستقبال، ولهذا نظائر كثيرة في القرآن والاستعمال، قال الله تعالى: " ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة (3) " وقال تعالى: " ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك (4) " إلى غير ذلك مما شهرته تغني عن ذكره (5).
تذييل: قال المحقق الطوسي قدس الله روحه في التجريد: " ولا تنافي العصمة القدرة ".
وقال العلامة نور الله ضريحه في شرحه: اختلف القائلون بالعصمة في أن المعصوم هل يتمكن من فعل المعصية أم لا، فذهب قوم منهم إلى عدم تمكنه من ذلك، وذهب آخرون إلى تمكنه منها، أما الأولون فمنهم من قال: إن المعصوم مختص في بدنه أو نفسه بخاصية تقتضي امتناع إقدامه على المعصية، ومنهم من قال: إن العصمة هي القدرة على الطاعة، وعدم القدرة على المعصية، وهو قول أبي الحسين البصري، وأما الآخرون الذين لم يسلبوا القدرة فمنهم من فسرها بأنه الامر الذي يفعله الله تعالى بالعبد من الألطاف المقربة إلى الطاعات التي يعلم معها أنه لا يقدم على المعصية بشرط أن لا ينتهي ذلك الامر إلى الالجاء، ومنهم من فسرها بأنها ملكة نفسانية لا يصدر عن صاحبها معها المعاصي، وآخرون قالوا: العصمة لطف يفعله الله لصاحبها، لا يكون له معه داع إلى ترك الطاعات، وارتكاب المعصية، وأسباب هذا اللطف أمور أربعة:
أحدها: أن يكون لنفسه أو لبدنه خاصية تقتضي ملكة مانعة من الفجور، وهذه الملكة مغائرة للفعل.
الثاني: أن يحصل له علم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات.