بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٩٤
الثالث: تأكيد هذه العلوم بتتابع الوحي أو الالهام من الله تعالى.
الرابع، مؤاخذته على ترك الأولى بحيث يعلم أنه لا يترك مهملا، بل يضيق عليه الامر في غير الواجب من الأمور الحسنة، فإذا اجتمعت هذه الأمور كان الانسان معصوما، والمصنف رحمه الله اختار المذهب الثاني، وهو أن العصمة لا تنافي القدرة، بل المعصوم قادر على فعل المعصية، وإلا لما استحق المدح على ترك المعصية ولا الثواب، ولبطل الثواب والعقاب في حقه، فكان خارجا عن التكليف، وذلك باطل بالاجماع وبالنقل في قوله تعالى:
" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " انتهى (1).
وقال السيد المرتضى رحمه الله في كتاب الغرر والدرر: ما حقيقة العصمة التي يعتقد وجوبها للأنبياء والأئمة عليهم السلام؟ وهل هي معنى يضطر إلى الطاعة، ويمتنع من المعصية (2)، أو معنى يضام الاختيار؟ فإن كان معنى يضطر إلى الطاعة ويمتنع من المعصية فكيف يجوز الحمد والذم لفاعلهما؟ وإن كان معنى يضام الاختيار فاذكروه ودلوا على صحة مطابقته له ووجوب اختصاص المذكورين به دون من سواهم، فقد قال بعض المعتزلة: إن الله تعالى عصم أنبياءه بالشهادة لهم بالاستعصام، كما ضلل قوما بنفس الشهادة (3)، فإن يكن ذلك هو المعتمد أنعم بذكره ودل على صحته وبطلان ما عساه فعله من الطعن عليه، وإن يكن باطلا دل على بطلانه وصحة الوجه المعتمد فيه دون ما سواه.
الجواب: اعلم أن العصمة هي اللطف الذي يفعله الله تعالى، فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبيح، فيقال على هذا: إن الله عصمه بأن فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح، ويقال: إن العبد معصوم، لأنه اختار عند هذا الداعي الذي فعل له، الامتناع من القبيح، وأصل العصمة في موضوع اللغة: المنع، يقال: عصمت فلانا من السوء: إذا منعت من حلوله به، غير أن المتكلمين أجروا هذه اللفظة على من امتنع باختياره عند اللطف الذي يفعله الله تعالى به، لأنه إذا فعل به ما يعلم أنه يمتنع عنده من فعل القبيح

(1) شرح التجريد: 204 و 205.
(2) في المصدر: ويمنع من المعصية. وكذا فيما بعده.
(3) في المصدر: بنفس الشهادة عليهم بالضلال.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390