وقال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد: اعتقادنا في الأنبياء والرسل والملائكة و الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومن نفى العصمة عنهم في شئ من أحوالهم فقد جهلهم، واعتقادنا فيهم أنهم موصوفون بالكمال والعلم من أوائل أمورهم إلى أواخرها، لا يوصفون في شئ من أحوالهم بنقص ولا جهل (1).
وقال الشيخ المفيد رفع الله درجته في شرح هذا الكلام: العصمة من الله لحججه هي التوفيق واللطف، والاعتصام من الحجج بهما عن الذنوب والغلط في دين الله، والعصمة تفضل من الله تعالى على من علم أنه يتمسك بعصمته، والاعتصام فعل المعتصم، وليست العصمة مانعة من القدرة على القبيح، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن، ولا ملجئة له إليه، بل هي الشئ الذي يعلم الله تعالى أنه إذا فعله بعبد من عبيده لم يؤثر معه معصية له، وليس كل الخلق يعلم هذا من حاله، بل المعلوم منهم ذلك هم الصفوة والأخيار، قال الله تعالى:
" إن الذين سبقت لهم منا الحسنى (2) " الآية، وقال: " ولقد اخترناهم على علم على العالمين (3) " وقال: " وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار (4) " والأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من بعدهم معصومون في حال نبوتهم وإمامتهم من الكبائر والصغائر كلها، والعقل يجوز عليهم ترك مندوب إليه على غير التعمد للتقصير والعصيان، ولا يجوز عليهم ترك مفترض، إلا أن نبينا صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم من بعده كانوا سالمين من ترك المندوب والمفترض قبل حال إمامتهم عليهم السلام وبعدها، وأما الوصف لهم بالكمال في كل أحوالهم فإن المقطوع به كما لهم في جميع أحوالهم التي كانوا فيها حججا لله تعالى على خلقه، وقد جاء الخبر بأن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة من ذريته عليهم السلام كانوا حججا لله تعالى منذ أكمل عقولهم إلى أن قبضهم، ولم يكن لهم قبل أحوال التكليف أحوال نقص وجهل