دخل على أخيه خويلد وقد غلب عليه السكر، فجلس ورقة وقد ظهر الغيظ في وجهه (1)، و قال: يا أخي ما أغفلك عن نفسك؟ تريد أن تقتلها أنت بنفسك؟ فقال: ومن أين علمت يا أخي؟ فقال: لقد خلفت بني عبد المطلب وقلوبهم تغلي عليك كغلي القدر، وقد أراد حمزة أن يهجم عليك في دارك، فقال خويلد: يا أخي وأي ذنب أذنبته عليهم حتى يفعلوا بي ذلك؟ قال: سمعتهم يقولون إنك تثلب ابن أخيهم وهو عليك قبيح، إن كان قد وقع منك ذلك والله ما وطئ الحصى مثل محمد، أنسيت (2) ما جرى له في صغره، وما بان له في كبره؟
والله ما يثلبه إلا لئيم، قال خويلد: والله يا أخي ما ثلبت الرجل، وإنه خير مني وإنما أراد أن يتزوج بخديجة، فقال له أخوه: ماذا تنكر منه؟ قال خويلد: والله يا أخي ما أقول فيه: شيئا، ولكن خشيت من وجهين: الأول تسبني العرب حيث أنى رددت أكابرهم وساداتهم، وأزوجها الآن بفقير لا مال له، والثاني أنها لا ترضاه فقال ورقة: إن العرب ما منهم أحد إلا ويحب أن يزوجه بابنته، ويشتهي أن يكون محمد نسيبه وقريبه، وأما خديجة فمذ عاينت فضله رضيت به، وأما أنت فقد جلبت لنفسك عداوة بني هاشم على غير شئ، وإنهم ما يتركونك غير ساعة لا سيما (3) الأسد الهجوم، حمزة القضاء المحتوم، لا يصده عنك صاد، ولا يرده عنك راد، والله إن قبلت نصحي، وسرت معي إلي بني هاشم سألتهم أن يرفعوا عنك يد العداوة، وتزوج محمدا صلى الله عليه وآله بخديجة (4)، والله ما تصلح إلا له، ولا يصلح إلا لها، فقال: يا أخي أخاف أن يهجموا بي ويقتلوني، فقال ورقة: ضمان هذا الامر علي، فلا تخف، فنهضا جميعا وسارا حتى دخلا على أولاد عبد المطلب، فوقفا على الباب وكان من الامر المقدر أن في ذلك الوقت كان أولاد عبد المطلب جالسين، و