أنا محمد بن عبد الله. قال: (1) يا سيدي ما عهدتك أن تهزء وعهدي بك أنك سائر، فما الذي أرجعك يا سيدي؟ فقال له: يا ميسرة إني سافرت ثم عدت، فضحك ميسرة وقال:
سافرت إلى ذيل هذا الجبل، ثم عدت؟ قال النبي صلى الله عليه وآله: بل قصدت البيت الحرام، فقال له ميسرة: ما عهدت منك يا سيدي إلا الصدق، فقال: يا ميسرة ما قلت لك إلا الصدق، فإن كان عندك شك فهذا خبز مولاتك خديجة، وهذا ماء زمزم، فلما نظر ميسرة إلى ذلك نهض قائما على قدميه، ونادى: يا معاشر قريش، ويا بني النضر، ويا بني زهرة، ويا بني هاشم هل غاب محمد عنكم غير ساعتين أو أقل من ذلك؟ فقالوا: نعم، قال: قد سار إلى مكة ورجع، وهذا خبز مولاتي خديجة، وهذا ماء زمزم، فتعجب القوم ودهشت عقولهم، وصاح أبو جهل لعنه الله وقال: لا يبعد هذا على الساحر (2)، فلما أصبح الصباح بلغ العرب، سبق الخبر بقدوم القافلة، وخرج أهل مكة مبادرين، وسبق عبيد خديجة وجواريها و تفرقوا في شعاب مكة وأوديتها، بأيديهم المعازف والمباخر، فكان النبي صلى الله عليه وآله ما يمر على عبد من عبيد خديجة إلا يعقر ناقة فرحا بقدومه، ثم تفرق الناس إلى منازلهم، و نظرت خديجة إلى جمالها وقد أقبلت كالعرائس، وكانت معتادة أن يموت بعض جمالها (3) ويجرب بعضها إلا تلك السفرة فإنها لم تنقص منها شعرة، فوقف قريش متعجبين من تلك الجمال، كلما مر بهم جمل بإزائه ناقة هيفاء فيقولون: لمن هذا (4)؟ فيقال هذا (5) ما