أزكى من المسك الأذفر، ولفظه أعذب من الشهد وأخير، أشهدك يا خديجة أني أحبه.
قالت: يا عم أراك كلما قلت لك: صف لي عيبه وصفت لي حسنه؟ قال: يا ابنتي وهل أنا أقدر على وصف خيره، ثم أنشأ يقول:
لقد علمت كل القبائل والملا * بأن حبيب الله أظهرهم قلبا وأصدق من في الأرض قولا وموعدا * وأفضل خلق الله كلهم قربا فقالت: يا ورقة إن أكثر الناس يثلبونه، قال: ثلبهم له إنه فقير، قالت: يا عم أما سمعت قول الشاعر:
إذا سلمت رؤوس الرجال من الأذى * فما المال إلا مثل قلم الأظافر ولكن يا عم إذا كان ماله قليلا فما لي كثير، وإني يا عم محبة له على كل حال، فقال لها: إذن والله تسعدين وترشدين وتحضين (1) بنبي كريم، فقالت: يا عم أنا الذي خطبته لنفسي، فقال لها ورقة: وما الذي تعطيني وأنا أزوجك في هذه الليلة بمحمد؟
فقالت: يا عم وهل لي شئ دونك، أم يخفى عليك؟ وهذه ذخائري بين يديك، ومنزلي لك، وأنا كما قال القائل شعرا:
إذا تحققتم ما عند صاحبكم * من الغرام فذاك العذر يكفيه أنتم سكنتم بقلبي فهو منزلكم * وصاحب البيت أدرى بالذي فيه ثم قال ورقة: يا خديجة لست أريد شيئا من حطام الدنيا، وإنما أريد أن تشفعي لي عند محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة واعلمي يا خديجة أن بين أيدينا حساب وكتاب وعقاب وعذاب (2)، ولا ينجو إلا من تبع محمدا، وصدق برسالته، فيا ويل من زحزح (3) عن الجنة وادخل النار، فلما سمعت خديجة كلامه قالت: يا عم لك عندي ما طلبت، فخرج ورقة و