بينهم النبي صلى الله عليه وآله، فنظر إليه حمزة وقال: يا قرة العين ما تقول (1)؟ والله لئن أمرتني لآتينك في هذه الساعة برأس خويلد، فقال خويلد لورقة: اسمع يا أخي، فقال ورقة اسمع أنت، فقال، خويلد: دعني أرجع، قال ورقة: لا، وانظر الآن ما أصنع، دعنا نأتي إليهم فإنهم لا يبعدون، من يأتي إليهم، ثم إن ورقة قرع الباب فقال النبي صلى الله عليه وآله: لقد جاءكم خويلد وأخوه ورقة، فقام حمزة فأدخلهم، ويد خويلد في يد ورقة، ونادى: نعمتم صباحا ومساء وكفيتم شر الأعداء، يا أولاد زمزم والصفا، فناداه أبو طالب: وأنت يا خويلد كفيت ما تحذر وتخشى، فانتهره حمزة وقال: لا أهلا ولا سهلا لمن طلب منا بعدا، وأرانا هجرا وصدا، قال خويلد: ما كان ذلك مني يا سيدي، وأنتم تعلمون أن خديجة وافرة العقل، مالكة نفسها، وإنما تكلمت بهذا الكلام حتى أسمع ما تقول، والآن عرفت أن المرأة فيكم راغبة (2)، فلا تؤاخذوني بما جرى، ونحن كما قال الشاعر:
ومن عجب الأيام إنك هاجري * وما زالت الأيام تبدئ العجائبا وما لي ذنب أستحق به الجفا * وإن كان لي ذنب أتيتك تائبا والآن قد رضيت لرضاها، ولأجل القرابة والنسب، وقال: شعرا:
عودوني الوصال فالوصل عذب * وارحموا فالفراق والهجر صعب زعموا حين عاينوا أن جرمي * فرط حبي لهم وما ذاك ذنب لا وحق الخضوع عند التلاقي * ما جزى من يحب أن لا يحب فقال عند ذلك حمزة: يا خويلد أنت عندنا عزيز كريم، ولكن ما كان يجوز منك إذا جئناك أن تبعدنا، فقال ورقة: إنا لنحب محمدا أشد محبة، ونحن على ما تقولون، ولكن أريد يا بني هاشم أن تكون هذه الخطبة في غداة غد على رؤوس الأنام (3)، حتى