على هيئة الأشجار (1)، وأجرت عليه الذهب، وعملت فيه التماثيل من المسك والعنبر، ولم تزل تعمل في شغل العرس ستة أشهر حتى فرغت من جميع ما تحتاج إليه، وعلقت ستور الديباج المطرز (2)، ونقشت فيها صورة الشمس والقمر، وفرشت المجالس، ووضعت المساند والوسائد من الديباج والخز، وفرشت لرسول الله صلى الله عليه وآله مجلسا على سرير تحت الإبريسم والوشي (3)، والسرير من العاج والآبنوس، مصفح بصفائح الذهب الوهاج (4)، وألبست جواريها وخدمها ثياب الحرير والديباج المختلفات الألوان، ونظمت شعورهن باللؤلؤ والمرجان، وسورتهن (5)، ووضعت في أعناقهن قلائد الذهب، وأوقفت الخدم (6) بأيديهن المجامر من الذهب، وفيها الطيب والعنبر والبخور من العود والند (7)، و جعلت في يد كل واحدة من الخدم مراوح منقوشة بالذهب، مقصبة (8) بالفضة، وأوقفتهن عند مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله، ودفعت إلى بعضهن الدفوف والشموع، ونصبت في وسط الدار شمعا كثيرا على أمثال النخيل، فلما فرغت من ذلك دعت نسوان أهل مكة جميعهن فأقبلن إليها، ورفعت مجلس عمات النبي صلى الله عليه وآله، ثم أرسلت إلى أبي طالب ليحضر وقت الزفاف، فلما كان تلك الليلة أقبل النبي صلى الله عليه وآله بين أعمامه، وعليه ثياب من قباطي (9) مصر، و عمامة حمراء، وعبيد بني هاشم بأيديهم الشموع والمصابيح، وقد كثر الناس في شعاب مكة ينظرون إلى محمد صلى الله عليه وآله، ومنهم من وقف على السرادقات والنور يخرج من بين ثناياه (10)
(٧٣)