يسمع الغائب والحاضر، فقال حمزة: لا نخالفكم فيما تقولون، فقال ورقة: أعلمكم أن أخي له لسان (1) لا يخلص به عند العرب، وأريد أن يوكلني في أمر ابنته خديجة، حتى أصير أنا المجاوب، وأنتم تعلمون أنى قد قرأت سائر الكتب وعرفت (2) سائر الأديان، فقال حمزة: وكله يا خويلد على ذلك، فقال خويلد: أشهدكم يا أولاد هاشم أني قد وكلت أخي ورقة في أمر ابنتي خديجة، فقال ورقة: أريد أن يكون هذا الامر عند الكعبة، فساروا جميعا إلى الكعبة، فوجدوا العرب مجتمعين بين زمزم والمقام، وهم جماعات كثيرة، منهم (3) الصلت بن أبي يهاب، ولئيمة بن الحجاج، وهاشم بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، وعثمان بن مبارك (4) العميري، وأسد بن غويلب الدارمي، وعقبة بن أبي معيط، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب (5)، فناداهم ورقة: نعمتم صباحا يا سكان حرم الله، فقالوا كلهم: أهلا وسهلا يا أبا البيان، فقال ورقة: يا معشر قريش، يا جميع من حضر أني أسألكم، ما تقولون في خديجة بنت خويلد؟ فنطق العرب بأجمعهم فقالوا: بخ بخ، لقد ذكرت والله الشرف الأوفى، والنسب الاعلى، والرأي الا زكى، ومن لا يوجد لها نظير في نساء العرب والعجم، فقال: أتحمدون أن تكون بلا بعل؟ فقالوا: ليس بواجب، وقد وجدنا الخطاب لها كثيرا، وهي تأبى، قال ورقة: يا سادات العرب ألا وإن هذا أخي قد وكلني في أمرها، وهي قد أمرتني أن أزوجها، وأعلمتني أن لها رغبة في سيد من سادات قريش، وسألتها أن تسميه لي، فأبت، وأحب أن تسمعوا الوكالة منه، وأن تحضروا كلكم جميعا غداة غد في منزلها، فما تسعكم غير دارها، وكان لها دار واسعة تسع أهل مكة، فلما سمعوا كلامه لم يبق أحد منهم إلا يقول: أنا هو المطلوب، فقالوا:
(٦٤)