ومن الخاطب منكم؟ ومن المخطوبة مني؟ فقال أبو طالب: الخاطب منا محمد ابن أخي، و المخطوبة خديجة، فلما سمع ذلك خويلد تغير لونه وكبر عليه وقال: والله إن فيكم الكفاية، وأنتم أعز الخلق علينا، ولكن خديجة قد ملكت نفسها وعقلها أوفر من عقلي (1).
وأنا لم تطب قلبي إن خطبها الملوك، فكيف وهذا محمد فقير صعلوك (2)؟ فقام إليه حمزة رضي الله عنه فقال له: لا يقدر (3) اليوم بأمس، ولا تشاكل القمر بالشمس يا بادي الجهل، ويا خسيف (4) العقل، أما علمت أنك قد ضل رشدك. وغاب عقلك، أتثلب ابن أخينا؟
أما علمت أنه إذا أراد أموالنا وأرواحنا قدمنا الكل بين يديه، ولكن سوف يبين لك غب (5) فعلك، ثم نفض أثوابه ونهض، ونهض أخواته وساروا إلى منازلهم، وبلغ الخبر خديجة من جارية لها، فقالت: ما وراءك؟ قالت: أمر يغم القلوب (6)، فقالت لها: ماذا يا ويحك؟
قالت: إن أباك قد رد أولاد عبد المطلب خائبين، فلما سمعت خديجة كلامها قالت:
اطلبي لي عمي ورقة، فخرجت الجارية وعادت ومعها ورقة، فلما جاءها استقبلته بأحسن قبول، وقالت: مرحبا بك يا عم، فلا غابت طلعتك عني، ثم طرقت إلى الأرض وقد قطب حاجباها (7)، فقال ورقة: حاشاك يا خديجة من السوء، ما الذي حل بك؟ قالت: يا عم ما حال السائل؟ وما نال (8) المسؤول؟ قال: في أنحس حال، قال (9): ولكن أراك (10) يا