على الملوك حتى أجمع له ما تطلب عليه (1) خديجة. قال النبي صلى الله عليه وآله: يا معاشر الأعمام قد أطلتم الكلام فيما لا فائدة فيه، قوموا واخطبوا لي خديجة من أبيها، فما عندكم من العلم مثل ما عندي منها، فنهضت صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها، وقالت: والله أنا أعلم أن ابن أخي صادق فيما قاله، ويمكن أن تكون خديجة مازحة عليه، ولكن أنا أروح وأبين لكم الامر، ثم لبست أفخر ثيابها وسارت نحو منزل خديجة، فلقيتها بعض جواريها في الطريق فسبقتها إلى الدار، وأعلمت خديجة بقدوم صفية بنت عبد المطلب، وكانت قد عزمت على النوم فأخلت لها المكان (2)، وقد عثرت خديجة بذيلها، فقالت: لا أفلح من عاداك يا محمد، فسمعت صفية كلام خديجة فقالت في نفسها: أجاد الدليل، ثم طرقت الباب، ففتح و جاءت إلى خديجة فلقيتها بالرحب والتحية، وأرادت أن تأتي لها بطعام، فقالت: يا خديجة ما جئت لآكل طعام، بل يا ابنة العم جئت أسألك عن كلام أهو صحيح أم لا؟ فقالت خديجة:
بل هو صحيح إن شئت تخفيه أو شئت تبديه، وأنا قد خطبت محمدا لنفسي، وتحملت عنه مهري، فلا تكذبوه إن كان قد ذكر لكم بشئ (3)، وإني قد علمت أنه مؤيد من رب السماء، فتبسمت صفية وقالت: والله إنك لمعذورة فيمن أحببت، والله ما شاهدت عيني مثل نور جبينه، ولا أعذب من كلام ابن أخي، ولا أحلى من لفظه ثم أنشأت تقول:
شعرا:
الله أكبر كل الحسن في العرب * كم تحت غرة هذا البدر من عجب قوامه (4) ثم إن مالت ذوائبه * من خلفه فهي تغنيه عن الأدب تبت يد اللائمي فيه وحاسده * وليس لي في سواه قط من أرب (5)