وقف الهوى بي حيث كنت (1) فليس لي * متقدم عنكم ولا متأخر ثم سار القوم حتى نزلوا بجحفة الوداع وحطوا رحالهم حتى يلحق بهم المتأخرون فقال مطعم بن عدي: يا قوم إنكم سائرون إلى أرض كثيرة المهامه والأوعار (2)، وليس لكم مقدم تستشيرون به وترجعون إلى أمره، والرأي عندي أنكم تقدمون عليكم رجلا لتستندوا إلى رأيه، وترجعوا إلى أمره عن المنازع والمخالف، قالوا: نعم ما أشرت به، فقال بنو مخزوم: نحن نقدم علينا أخانا عمرو بن هشام المخزومي، وقال بنو عدي: نحن نقدم علينا أميرنا مطعم بن عدي، وقال بنو النضر: نحن نقدم علينا أميرنا النضر بن الحارث، وقال بنو زهرة: نحن نقدم علينا أميرنا أحيحة بن الجلاح، وقال بنو لوي: نحن نقدم علينا أبا سفيان صخر بن حرب، وقال ميسرة: والله ما نقدم علينا إلا سيدنا محمد بن عبد الله، و قال بنو هاشم: ونحن أيضا نقدم علينا محمدا، فقال أبو جهل: لان (3) قدمتم علينا محمدا لأضعن هذا السيف في بطني، وأخرجه من ظهري، فقبض حمزة على سيفه وقال: يا وغد (4) الرجال، ويا نذل الافعال (5)، والله ما أريد إلا أن يقطع الله يديك ورجليك ويعمى عينيك، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: اغمد سيفك يا عماه، ولا تستفتحوا سفركم بالشر، دعوهم يسيرون أول النهار، ونحن نسير آخره، فإن التقدم لقريش، وكان صلى الله عليه وآله أول من تكلم بهذه الكلمة، وسار أبو جهل ومن يلوذ به، وقد استغنم (6) من بني هاشم الفرصة، وهو ينشد ويقول:
لقد ضلت حلوم بني قصي * وقد زعموا بتسييد (7) اليتيم