تشابه سري في هواكم وخاطري (1) * فابدي الذي أخفى وأخفى الذي ابدي ثم قالت بعد ذلك: يا سيدي أين محمد حتى نسمع ما يقول (2)؟ قال العباس رضي الله عنه: أنا آتيكم به، فنهض وسار يطلبه من الأبطح (3) فلم يجده، فالتفت يمينا وشمالا فقالوا: ما تريد (4)؟ فقال: أريد محمدا، فقالوا له: في جبل حرى (5)، فسار إليه فإذا هو فيه نائما في مرقد إبراهيم الخليل عليه السلام ملتفا ببرده وعند رأسه ثعبان عظيم في فمه طاقة ريحان يروحه بها، فلما نظر إليه العباس قال: خفت عليه من الثعبان، فجذبت سيفي وهممت بالثعبان (6)، فحمل الثعبان على العباس، فلما رأى العباس ذلك صاح من وقته أدركني يا ابن أخي، ففتح النبي صلى الله عليه وآله عينيه فذهب الثعبان كأنه لم يكن، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما لي أرى سيفك مسلولا؟ قال: رأيت هذا الثعبان عندك، فسللت سيفي وقصدته خوفا عليك منه، فعرفت في نفسي الغلبة فصحت بك (7)، فلما فتحت عينك ذهب كأنه لم يكن، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله، وقال: يا عم ليس هذا بثعبان، ولكنه ملك من الملائكة، ولقد رأيته مرارا، وخاطبته (8) جهارا، وقال لي: يا محمد إني ملك من عند ربي موكل بحراستك في الليل والنهار من كيد الأعداء والأشرار، قال: ما ينكر فضلك يا محمد (9)، فقال له: سر معي إلى دار خديجة بنت خويلد تكون أمينا على أموالها، تسير
(٢٦)