من مثلي وقد لمس ظهري سيد المرسلين؟ فقلن النسوة اللاتي كن عند خديجة: ما هذا إلا سحر عظيم قد أحكمه هذا اليتيم، قالت لهم خديجة: ليس هذا سحرا، وإنما هو آيات بينات، وكرامات ظاهرات، ثم قالت:
نطق البعير بفضل أحمد مخبرا * هذا الذي شرفت به أم القرى هذا محمد خير مبعوث أتى * فهو الشفيع وخير من وطأ الثرى يا حاسديه تمزقوا من غيظكم * فهو الحبيب ولا سواه في الورى قال: وخرج أولاد عبد المطلب وأخذوا في أهبة السفر (1)، فالتفتت خديجة إلى النبي صلى الله عليه وآله وقالت: يا سيدي ما معك غير هذه الثياب، فليست هذه تصلح للسفر، فقال: لست أملك غيرها، فبكت خديجة وقالت: عندي يا سيدي ما يصلح للسفر، غير أنهن طوال فامهل (2) حتى أقصرها لك، فقال: هلمي بها، وكان صلى الله عليه وآله إذا لبس القصير يطول وإذا لبس الطويل يقصر، كأنه مفصل عليه (3)، فأخرجت له ثوبين من قباطي (4) مصر، وجبة عدنية، وبردة يمنية، وعمامة عراقية، وخفين من الأديم، وقضيب خيزران، فلبس النبي صلى الله عليه وآله الثياب وخرج كأنه البدر في تمامه (5)، فلما نظرت إليه جعلت تقول:
أوتيت من شرف الجمال فنونا * ولقد فتنت بها القلوب فتونا قد كونت للحسن فيك جواهر * فيها دعيت الجوهر المكنونا يا من أعار (6) الظبي في لفتاته (7) * للحسن جيدا ساميا وجفونا انظر إلى جسمي النحيل وكيف قد * أجريت من دمع العيون عيونا