صلى الله عليه وآله (1)، فرمى القلنسوة عن رأسه ونادى: وا خيبتاه، وأطول شقوتاه (2)، ثم جعل يقول: شعرا:
يا أهل نجد تقضى العمر في أسف * منكم وقلبي لم يبلغ أمانيه يا ضيعة العمر لا وصل ألوذ به * من قربكم لا ولا وعد ارجيه قال: ثم بعد ذلك قال: يا سادات قريش هل بقي منكم أحمد (3)؟ فقال أبو جهل:
نعم بقي منا صبي صغير أجير على أموال بعض نسائنا، فما استتم كلامه حتى قام له حمزة وضربه ضربا وجيعا، وألقاه على قفاه، وقال: يا وغد الأنام لم لا قلت: تأخر منا البشير النذير، السراج المنير، وما تركناه عند بضائعنا وأموالنا إلا لأمانته وما فينا أصلح منه، ثم التفت حمزة إلى الراهب وقال: أرني السفر، وأخبرني بما فيه، فقال: سيدي هذا سفر فيه صفة النبي صلى الله عليه وآله، لا بالطويل الشاهق، ولا بالقصير اللاصق، معتدل القامة، بين كتفيه علامة، تظله الغمامة، يبعث من تهامة، شفيع العصاة يوم القيامة، قال العباس:
يا راهب إذا رأيته تعرفه؟ قال: نعم، قال: سر معي إلى الشجرة، فإن صاحب هذه الصفة تحتها، فخرج الراهب من الدير يهرول في خطواته حتى لحق بالنبي صلى الله عليه وآله، فلما رآه نهض قائما لا متكبرا ولا متجبرا، فقال: مرحبا بالفيلق، بعد ما قال له الراهب:
السلام عليك يا أبا الفتيان، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وعليك السلام يا عالم الرهبان، ويا ابن اليونان يا ابن عبد الصليب (4)، فقال الراهب: وما أدراك أني الفيلق بن اليونان بن عبد الصليب؟ قال: الذي أخبرك أني ابعث في آخر الزمان بالامر العجيب، فانكب الراهب على قدميه يقبلهما وهو يقول: يا سيد البشر، لعلك أن تجيب لوليمتنا لتحصل لنا بها (5) الكرامة. ونفوز بمحبتك يوم القيامة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: اعلم أن القوم