كيف تخافين وعليك خاتم الرسل وإمام البشر (1)؟
ثم التفت إلى الثعبان وقال له: ارجع من حيث أتيت، وإياك أن تتعرض لاحد من الركب (2)، فنطق الثعبان بقدرة الله تعالى، وقال: السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أحمد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: السلام على من اتبع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الاعلى، فعندها قال: يا محمد ما أنا من هوام الأرض، وإنما أنا ملك من ملوك الجن واسمي الهام بن الهيم، وقد آمنت على يد أبيك إبراهيم الخليل، وسألته الشفاعة، فقال:
هي لولد يظهر من نسلي يقال له: محمد، ووعدني (3) أن أجتمع بك في هذا المكان، وقد طال بي الانتظار، وقد شاهدت المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ليلة عرج به إلى السماء وهو يوصي الحواريين باتباعك، والدخول في ملتك، والآن قد جمع الله شملي بك، فلا تنسني من الشفاعة يا سيد المرسلين، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لك ذلك علي، فعد من حيث جئت، ولا تتعرض لاحد من الركب، فغاب الثعبان، فلما نظر القوم إلى كلامه عجبوا من ذلك وازداد أعمام النبي صلى الله عليه وآله يقينا وفرحا. وازداد الجنود (4) غيظا وحسدا، فأنشأ العباس يقول:
يا قاصدا نحو الحطيم وزمزم * بلغ فضائل أحمد المتكرم واشرح لهم ما عاينت عيناك من * فضل لأحمد والسحاب الاركم قل وأت بالآيات (5) في السيل الذي * ملاء الفجاج بسيله المتراكم (6) ونجى الذي لم يخط قول محمد * وهو الذي أخطأ بوسط جهنم والبئر لما أن أضربنا الظمآء * فدعا الحبيب إلى الاله المنعم فاضت عيونا ثم سالت أنهرا * وغدا السحود بحسرة وتغمغم