بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٥٨
والعزى بعد رجوعه من الشام في المرة الأولى حتى وقع بينه وبين قريش كلام كثير، فقال لهم أبو طالب: إنه لا يمكنني أن أفارق هذا الغلام ولا مخالفته، وإنه يأبى أن يصير إليهما، ولا يقدر أن يسمع بذكرهما، ويكره أن آتيهما أنا، قالوا: فلا تدعه وأدبه حتى يفعل ويعتاد عبادتهما، فقال أبو طالب: هيهات ما أظنكم تجدونه ولا ترونه يفعل هذا أبدا "، قالوا: ولم ذاك؟ قال: لأني سمعت بالشام جميع الرهبان يقولون: هلاك الأصنام على يد هذا الغلام، قالوا: فهل رأيت يا أبا طالب منه شيئا " غير هذا الذي تحكيه عن الرهبان؟
فإنه غير كائن أبدا " أو نهلك جميعا "، قال: نعم، نزلنا تحت شجرة يابسة فاخضرت وأثمرت، فلما ارتحلنا وسرنا نثرت على رأسه جميع ثمرها ونطقت، فما رأيت شجرة قط تنطق قبلها وهي تقول يا أطيب الناس فرعا "، وأزكاهم عودا "، امسح بيديك المباركتين على لابقي خضراء إلى يوم القيامة، قال: فمسح يده عليها فازدادت الضعف نورا " وخضرة، فلما رجعنا للانصراف ومررنا عليها ونزلنا تحتها فإذا كل طير على ظهر الأرض له فيها عش (1) وفرخ، ولها بعدد كل صنف من الطير أغصان كأعظم الأشجار على ظهور الأرضين، قال: فما بقي طير إلا استقبله يمد جناحه على رأسه، قال: فسمعت صوتا " من فوقها وهي تقول: ببركتك يا سيد النبيين والمرسلين قد صارت هذه الشجرة لنا مأوى، فهذا ما رأيت، فضحكت قريش في وجهه، وهم يقولون: أترى يطمع أبو طالب أن يكون ابن أخيه ملك هذا الزمان (2).
15 - العدد: عن أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام قال: لما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله اثنان وعشرون شهرا " من يوم ولادته رمدت عيناه، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اذهب بابن أخيك إلى عراف الجحفة وكان بها راهب طبيب في صومعته، فحمله غلام له في سفط هندي حتى أتى به الراهب فوضعه تحت الصومعة، ثم ناداه أبو طالب: يا راهب، فأشرف عليه فنظر حول الصومعة إلى نور ساطع، وسمع حفيف أجنحة الملائكة، فقال له: من أنت؟
قال: أبو طالب بن عبد المطلب، جئتك بابن أخي لتداوي عينه، فقال: وأين هو؟ قال:
في السفط قد غطيته من الشمس، قال: اكشف عنه، فكشف عنه، فإذا هو بنور ساطع

(1) العش: موضع الطائر.
(2) العدد: مخطوط، والحديث يتضمن ما لا يخلو عن غرابة، واشكال.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست