بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٢٩
صرخة عظيمة وغشي عليها، فلما أفاقت أنشأت تقول:
أما المحال فقد مضى لسبيله * ومضت كهانة معشر الكهان جاء البشير فكيف لي بهلاكه * هيهات جاء الوحي (1) بالاعلان فلما تمت له ثلاثة أيام دخل عليه جده عبد المطلب فلما نظر إليه قبله، وقال:
الحمد لله الذي أخرجك إلينا، حيث وعدنا (2) بقدومك، فبعد هذا اليوم لا أبالي أصابني الموت أم لا، ثم دفعه إلى آمنة فجعل يهش (3) ويضحك لجده وأمه، كأنه ابن سنة، قال عبد المطلب: يا آمنة احفظي ولدي هذا، فسوف يكون له شأن عظيم، وأقبل الناس من كل فج عميق يهنؤون عبد المطلب، وجائت جملة النساء إلى آمنة وقلن لها: لم لم ترسلي إلينا؟
فهنؤنها بالمولود وقد عبقت بهن جمع رائحة المسك، فكان يقول الرجل لزوجته: من أين لك هذا؟ فتقول: هذا من طيب مولود آمنة، فأقبلت القوابل ليقطعن سرته فوجدنه مقطوع السرة، فقلن لآمنة ما كفاك إنك وضعت به حتى قطعت سرته بنفسك؟ فقالت لهن:
والله لم أره إلا على هذه الحالة (4)، فتعجبت القوابل من ذلك، وكانت تأتيها القوابل بعد ذلك وإذا " به مكحولا، مقموطا " (5)، فيتعجبن منه، فلما مضى له من الوضع سبعة أيام أولم عبد المطلب وليمة عظيمة وذبح الأغنام، ونحر الإبل، وأكل الناس ثلاثة أيام، ثم التمس له مرضعة تربيه (6) على عادة أهل مكة (7).
ايضاح: الاطلال جمع الطلل بالتحريك، وهو ما شخص من آثار الدار. والهمام

(1) الامر خ ل.
(2) أوعدنا خ ل.
(3) هش: تبسم. وارتاح ونشط.
(4) في المصدر: والله ما مسته ولا رأيته إلا كما ترون.
(5) في المصدر: مقمطا.
(6) في المصدر: وأكل الناس ثلاثة أيام، وما فضل من ذلك الطعام رمى به في البرية فأكلته الوحوش والسباع والطيور، قال: فلما كان بعد ثلاثة أيام التمس له مرضعة تربيه. كمل الجزء السادس والحمد لله رب العالمين.
(7) الأنوار: مخطوط، ونسخته عندي موجود فيها اختلافات وزوائد، وقد ذكرت بعضها في الذيل.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست