وقال في التوراة: أقبل من سيناء (1)، وتجلى من ساعير، وظهر من جبل فاران.
فسيناء: جبل كلم الله عليه موسى، وساعير هو الجبل الذي بالشام كان فيه عيسى، وجبل فاران مكة.
وفي التوراة: إن إسماعيل سكن برية فاران، ونشأ فيها، وتعلم الرمي.
فذكر الله (2) مع طور سيناء وساعير التي جاء منها بأنبيائه، ومجئ الله إتيان دينه وأحكامه، فلقد ظهر دين الله من مكة وهي فاران، فأتم الله تعالى هذه المواعيد لإبراهيم عليه السلام بمحمد صلى الله عليه وآله، فظهر دين الله في مكة بالحج إليها، واستعلن ذكره بصراخ أصحابه بالتلبية على رؤوس الجبال وبطون الأودية، ولم يكن موجودا " إلا بمجئ محمد صلى الله عليه وآله وغيره من ولد إسماعيل عباد أصنام، فلم يظهر الله بهم تبجيله (3).
ويدل على تأويلنا ما قال في كتاب حيقوق: سيد يجئ من اليمن، يقدس (4) من جبل فاران، يغطي (5) السماء بهاء "، ويملا الأرض نورا "، ويسيل الموت (6) بين يديه، وينقر الطير بموضع قدميه.
وقال في كتاب حزقيل النبي لبني إسرائيل: إني مؤيد بني قيدار بالملائكة، - و قيدار جد العرب ابن إسماعيل لصلبه - وأجعل الدين تحت أقدامهم فيريثونكم (7) بدينهم، وليشمون أنفسكم بالحمية والغضب، ولا ترفعون (8) أبصاركم ولا تنظرون إليهم، و جميع رضاي يصنعونه بكم.
وإن محمدا " اخرج إليهم بمن أطاعه من بني قيدار فيقتل (9) مقاتليهم، وأيدهم الله