فإذا هم سراع يأتون، يبثون تسبيحه في البر والبحر، يأتون من المشرق كالصعيد كثرة.
وقال شعيا: قال الرب: ها أنا ذا مؤسس بصهيون من بيت الله حجرا "، وفي رواية:
مكرمة "، فمن كان مؤمنا " فلا يستعجلنا.
وقال دانيال في الرؤيا التي رآها بخت نصر ملك بابل وعبرها: أيها الملك رأيت رؤيا " هائلة، رأيت صنما " بارع الجمال، قائما " بين يديك، رأسه من الذهب، وساعده من الفضة، وبطنه وفخذه نحاس، وساقاه حديد، وبعض رجليه خزف، ورأيت حجرا " صك رجلي ذلك الصنم فدقهما دقا " شديدا "، فتفتت ذلك الصنم كله حديده ونحاسه وفضته وذهبه، وصار رفاتا " كدقاق البيدر، وعصفته الريح فلم يوجد له أثر، وصار ذلك الحجر الذي دق الصنم جبلا " عاليا " امتلأت منه الأرض، فهذه رؤياك، قال: نعم، ثم عبرها له فقال:
إن الرأس الذي رأيت من الذهب مملكتك، فتقوم بعدك مملكة أخرى دونك، والمملكة الثالثة التي تشبه النحاس تتسلط على الأرض كلها، والمملكة الرابعة قوتها قوة الحديد كما أن الحديد يدق كل شئ، وأما الرجل الذي كان بعضها من حديد، وبعضها من خزف، فإن بعض تلك المملكة يكون عزا "، وبعضها ذلا "، ويكون كلمة أهل المملكة متشتتة، ويقيم إله السماء في تلك الأيام ملكا " عظيما " دائما " أبديا "، لا يتغير ولا يتبدل ولا يزول، ولا يدع لغيره من الأمم سلطانا "، ويقوم دهر الداهرين.
فتأويل الرؤيا بعث محمد، تمزقت الجنود لنبوته، ولم ينتقض مملكة فارس لاحد قبله، وكان ملكها أعز ملوك الأرض وأشدها شوكة، وكان أول ما بدا فيه انتقاص قتل شيرويه بن أبرويز أباه، ثم ظهر الطاعون في مملكته وهلك فيه، ثم هلك ابنه أردشير، ثم ملك رجل ليس من أهل بيت الملك فقتلته بوران بنت كسرى، ثم ملك بعده رجل يقال له: كسرى ابن قباد ولد بأرض الترك، ثم ملكت بوران بنت كسرى، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ملكها فقال: (لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة)، ثم ملكت بنت أخرى لكسرى فسمت وماتت، ثم ملك رجل ثم قتل، فلما رأى أهل فارس ما هم فيه من الانتشار امر (1) ابن لكسرى يقال له: يزدجرد فملكوه عليهم، فأقام بالمدائن على الانتشار ثماني