بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم، فلما سألوا النبي وبعث الله إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت، كما قال الله " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " قال: البقية: ذرية الأنبياء، وقوله:
" فيه سكينة من ربكم " فإن التابوت كان يوضع بين يدي العدو وبين المسلمين فتخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الانسان.
حدثني أبي، عن الحسين بن خالد، (1) عن الرضا عليه السلام أنه قال: السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان، وكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين والكفار فإن تقدم التابوت رجل لا يرجع حتى يغلب أو يقتل، ومن رجع عن التابوت كفر وقتله الامام، فأوحى الله إلى نبيهم إن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى عليه السلام وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب عليه السلام اسمه داود بن إيشا، (2) وكان إيشا راعيا وكان له عشرة بنين أصغرهم داود، فلما بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى إيشا أن احضر واحضر ولدك، فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدرع درع موسى عليه السلام فمنهم من طال عليه، ومنهم من قصر عنه، فقال لايشا: هل خلفت من ولدك أحدا؟ قال: نعم أصغرهم تركته في الغنم راعيا، فبعث إليه فجاء به فلما دعي أقبل ومعه مقلاع، قال: فناداه ثلاث صخرات في طريقه، فقالت: يا داود خذنا، فأخذها في مخلاته، وكان شديد البطش، قويا في بدنه شجاعا، فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى فاستوى عليه ففصل طالوت بالجنود، وقال لهم نبيهم: يا بني إسرائيل: إن الله مبتليكم بنهر في هذه المفازة، فمن شرب منه فليس من حزب الله، ومن لم يشرب فهو من الله (3) إلا من اغترف