معا، فالمراد بوسط الامر حينئذ مجموع هذا الكلام، إذ في أول الكلام نسب التعييب إلى نفسه رعاية للأدب، وفي آخر الكلام خص الإرادة به تعالى، وفي هذا الكلام اشترك معه تعالى في الامرين، مع أنه كان الأنسب تخصيص الأول بنفسه والثاني به تعالى، وعلى الوجهين يكون وسط الامر منصوبا على الظرفية بتقدير (في) ويحتمل أن يكون فاعلا لقوله: (عمل) أي عمل فيه أمر وسط من البشرية لأنه لم ينسب الإرادة إلى نفسه بل جعلها مشتركة بين الرب تعالى وبينه، ولكنه بيعد. (1) قوله عليه السلام: (للتبيين) أي لان يتبين له أنه لا يعلم كل شئ، وأنه جاهل لا يعلم شيئا إلا بتعليم الله تعالى، وأنه يمكن أن يكون في البشر من هو أعلم منه، أو المعنى أنه كان الغرض تعليم موسى لا كون الخضر حجة عليه وأفضل منه وكون موسى عليه السلام رعية له بل كان واسطة كالملك.
قوله عليه السلام: (بذهب ولا فضة) أي لم يكن المقصود كونه ذهبا وفضة، بل كان الغرض إيصال العلم المنقوش فيه إليهما، فلا ينافي كون اللوح من ذهب. قوله: (وتصرف أهلها) أي تغيرهم. قوله: (متصلا) لعله ضمن معنى الاعراض أو الانفصال، أي صار متصلا به تعالى، معرضا أو منفصلا مما أتاه أولا، والظاهر أنه كان " متنصلا " من قولهم: تنصل إليه، أي انتفى من ذنبه واعتذر، فصحف.
ثم اعلم أنه يظهر من هذا الكلام أنه كان منه عليه السلام غفلة في أول الأمر أيضا، مع أنه قد سبق في أول الكلام عذر ذلك، وأنه إنما نسب إلى نفسه لمكان التعييب، ويمكن توجيهه بأن الغفلة ليست من جهة نسبة التعييب إلى نفسه، بل لعدم التصريح بأن هذا من أمره تعالى، لأنه كان يظهر من كلامه عليه السلام أنه كان مستبدا بذلك، فلذا اعتذر ورجع عنه.
5 - علل الشرائع: سمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله بن طيفور الدامغاني الواعظ بفرغانة يقول في خرق الخضر عليه السلام السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدران: تلك إشارات من الله تعالى