لموسى عليه السلام وتعريضات إلى ما يريده من تذكيره لمنن سابقة لله عز وجل (1) نبهه عليها وعلى مقدارها من الفضل، ذكره بخرق السفينة أنه حفظه في الماء حين ألقته أمه في التابوت وألقت التابوت في اليم وهو طفل ضعيف لا قوة له، فأراد بذلك أن الذي حفظك في التابوت الملقى في اليم هو الذي يحفظهم في السفينة، وأما قتل الغلام فإنه كان قد قتل رجلا في الله عز وجل، وكانت تلك زلة عظيمة عند من لم يعلم أن موسى عليه السلام نبي، فذكره بذلك منة عليه حين دفع عنه كيد من أراد قتله به، وأما إقامة الجدار من غير أجر فإن الله عز وجل ذكره بذلك فضله فيما أتاه في ابنتي شعيب حين سقى لهما وهو جائع ولم يبتغ على ذلك أجرا مع حاجته إلى الطعام، فنبهه الله عز وجل على ذلك ليكون شاكرا مسرورا، (2) وأما قول الخضر لموسى عليه السلام: " هذا فراق بيني وبينك " فإن ذلك كان جهة موسى عليه السلام حيث قال: " إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني " فموسى عليه السلام هو الذي حكم بالمفارقة لما قال له: " فلا تصاحبني " وإن موسى عليه السلام اختار سبعين رجلا من قومه لميقات ربه فلم يصبروا بعد سماع كلام الله عز وجل حتى تجاوزوا الحد بقولهم: " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا، ولو اختارهم الله عز وجل لعصمهم، ولما اختار من يعلم منه تجاوز الحد، فإذا لم يصلح موسى عليه السلام للاختيار مع فضله ومحله فكيف تصلح الأمة لاختيار الامام بآرائها؟ وكيف يصلحون لاستنباط الاحكام واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة وهممهم المتباينة وإراداتهم المختلفة؟! تعالى الله عن الرضى باختيارهم علوا كبيرا، وأفعال أمير المؤمنين عليه السلام مثلها مثل أفاعيل الخضر وهي حكمة وصواب وإن جهل الناس وجه الحكمة والصواب فيها. (3) 6 - علل الشرائع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين ابن علوان، عن الأعمش، عن عباية الأسدي قال: كان عبد الله بن العباس جالسا على شفير
(٢٩٢)