إنك لن تستطيع معي صبرا " قال موسى: " لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ".
فخرجوا من السفينة فنظر الخضر إلى غلام يلعب بين الصبيان حسن الوجه كأنه قطعة قمر، وفي اذنيه درتان، فتأمله الخضر ثم أخذه وقتله، فوثب موسى إلى الخضر (1) وجلد به الأرض (2) فقال: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " فقال الخضر له: " ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا " قال موسى: " لئن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا " فانطلقا حتى إذا أتيا بالعشي قرية تسمى الناصرة (3) وإليها تنسب النصارى ولم يضيفوا أحدا قط ولم يطعموا غريبا، فاستطعموهم فلم يطعموهم ولم يضيفوهم، فنظر الخضر عليه السلام إلى حائط قد زال لينهدم، فوضع الخضر يده عليه، وقال: قم بإذن الله فقام، فقال موسى عليه السلام: لم ينبغ أن تقيم الجدار حتى يطعمونا ويؤوونا وهو قوله: " لو شئت لاتخذت عليه أجرا " فقال له الخضر عليه السلام: " هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " أما السفينة التي فعلت بها ما فعلت فإنها كانت لقوم مساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراء السفينة ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا، كذا نزلت، (4) وإذا كانت السفينة معيوبة لم يأخذ منها شيئا.
" وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين " وطبع كافرا، كذا نزلت، فنظرت إلى جبينه و عليه مكتوب: طبع كافرا " فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما " فأبدل الله والديه بنتا ولدت سبعين نبيا. (5) " وأما الجدار " الذي أقمته " فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما