بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٨٨
ثم قال: " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين " وطلع كافرا، (1) وعلم الله تعالى ذكره أنه إن بقي كفر أبواه وافتتنا به وضلا بإضلاله إياهما، فأمرني الله تعالى ذكره بقتله وأراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة، فاشترك بالإبانة بقوله: " فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما " وإنما اشترك في الإبانة لأنه خشي والله لا يخشى لأنه لا يفوته شئ ولا يمتنع عليه أحد أراده (2) وإنما خشي الخضر من أن يحال بينه وبين ما امر فيه فلا يدرك ثواب الامضاء فيه، ووقع في نفسه أن الله تعالى ذكره جعله سببا لرحمة أبوي الغلام، فعمل فيه وسط الامر من البشرية مثل ما كان عمل في موسى عليه السلام لأنه صار في الوقت مخبرا وكليم الله موسى عليه السلام مخبرا، ولم يكن ذلك باستحقاق للخضر عليه السلام للرتبة على موسى عليه السلام وهو أفضل من الخضر، بل كان لاستحقاق موسى للتبيين.
ثم قال: " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا " ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضة، ولكن كان لوحا من ذهب فيه مكتوب:
عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟! عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟! عجب لمن أيقن أن البعث حق كيف يظلم؟! عجب لمن؟ رى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف

(1) في نسخة: وطبع كافرا.
(2) أقول: على بعض ما ذكرنا من الوجوه يمكن أن يكون حاصل الكلام أن اشتراكه مع الرب تعالى في الإبانة واظهار الفعل لم يكن الا لأنه صار في الوقت مخبرا ومعلما لموسى عليه السلام مع كونه أفضل، ولهذا الوجه أيضا عمل فيه البشرية فصار سببا للاشتراك في الإبانة، فقوله: (لأنه خشي) تعليل لاسناد الاشتراك في الإبانة في قوله: " فخشينا " إلى البشرية كما أومأنا إليه. وتفطن بعض الأزكياء من أصحابنا عند عرضه على بوجه آخر: وهو أن يكون الإبانة في المواضع هي الإرادة فقط أو أريد بها الإرادة لأنه نسب الإرادة في أول الكلام إلى نفسه وفى آخره إلى الرب، و شركها في وسط الكلام بين نفسه وبين الرب تعالى بقوله: " فاردنا ". وقوله: وإنما اشترك في الإبانة بيان لأنه لم خصصنا الاشتراك بالإبانة أي الإرادة لان في الخشية لا يتعقل إرادة الاشتراك لان الخوف لا يناسب جنابه سبحانه بوجه من الوجوه، فلا يمكن أن ينسب إلى الخضر عليه السلام أن ينسبه إليه تعالى، فلابد أن يكون أراد بقوله: " خشينا " نفسه فقط وقوله: (ووقع في نفسه) بيان لان الاشتراك في الإرادة كان من عمل البشرية، ولم يكن على ما ينبغي، وهذا أيضا وجه حسن وإن كان ما ذكرنا أتم وأكمل. والله يعلم. منه قدس سره الشريف.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435