الوعد بالامر لو لم يسألوا عن خصوص البقرة لأمرهم ببقرة مطلقة، فلما بادروا بالسؤال شدد عليهم، وهما بعيدان وارتكاب مثلهما فيها لهذا الخبر مع كونها أقوى وأكثر مشكل والله يعلم حقيقة الامر. (1) وقال الثعلبي: قال المفسرون: وجد قتيل في بني إسرائيل اسمه عاميل ولم يدروا قاتله، واختلفوا في قاتله وسبب قتله، فقال عطا والسدي: كان في بني إسرائيل رجل كثير المال وله ابن عم مسكين لا وارث له غيره، فلما طال عليه حياته قتله ليرثه، وقال بعضهم:
كان تحت عاميل بنت عم له، كانت مثلا في بني إسرائيل بالحسن والجمال، فقتله ابن عمه لينكحها، فلما قتله حمله من قريته إلى قرية أخرى فألقاه هناك، وقال عكرمة: كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا، لكل سبط منهم باب فوجد قتيل على باب سبط قتل وجر إلى باب سبط آخر، فاختصم فيه السبطان، وقال ابن سيرين: قتله القاتل ثم احتمله فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يطلب بدمه، وقيل: ألقاه بين قريتين فاختصم فيه أهلهما فاشتبه أمر القتيل على موسى وكان ذلك قبل نزول القسامة، فأمرهم الله بذبح البقرة فشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، وإنما كان تشديدهم تقديرا من الله به وحكمة.
وكان السبب فيه على ما ذكره السدي وغيره أن رجلا من بني إسرائيل كان بارا بأبيه، وبلغ من بره أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها بخمسين ألفا، وكان فيها فضل وربح، فقال للبائع: (2) إن أبي نائم، ومفتاح الصندوق تحت رأسه، فأمهلني حتى يستيقظ فأعطيك الثمن، قال: فأيقظ أباك وأعطني المال، قال: ما كنت لافعل، ولكن أزيدك عشرة آلاف فأنظرني حتى ينتبه أبي، فقال الرجل: فأنا أحط عنك عشرة آلاف إن أيقظت أباك وعجلت النقد، فقال: وأنا أزيدك عشرين ألفا إن انتظرت انتباهة أبي، ففعل ولم