العاصين، وكانت عجلة عجلها موسى عليه السلام فظهر الغمام على باب قبة الزمر، (1) فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: إلى متى يعصيني هذا الشعب؟ وإلى متى لا يصدقون بالآيات؟
لأهلكنهم جميعا ولأجعلن لك شعبا أقوى وأكثر منهم.
فقال موسى: إلهي لو أنك قتلت هذا الشعب كلهم كرجل واحد لقالت الأمم الذين سمعوا: إنما قتل هذا الشعب (2) من أجل أنه لم يستطع أن يدخلهم الأرض المقدسة فقتلهم في البرية، وإنك طويل صبرك، كثيرة نعمك، وأنت تغفر الذنوب، وتحفظ الآباء على الأبناء والأبناء على الآباء فاغفر لهم ولا توبقهم، فقال الله عز وجل: قد غفرت لهم بكلمتك ولكن بعدما سميتهم فاسقين ودعوت عليهم، بي حلفت لأحر من عليهم دخول الأرض المقدسة غير عبدي يوشع وكالب، ولأتيهنهم في هذه البرية أربعين سنة مكان كل يوم من الأيام التي تجسسوا فيها سنة، وكانت أربعين يوما، ولنلقين جيفهم في هذه القفار، وأما بنوهم الذين لم يعلموا (3) الخير والشر فإنهم يدخلون الأرض المقدسة، فذلك قوله تعالى: " فإنها محرمة عليهم أربعين سنة " في ستة فراسخ، (4) وكانوا ستمائة ألف مقاتل، فكانوا يسيرون كل يوم جادين حتى إذا أمسوا وباتوا فإذا هم في الموضع الذي ارتحلوا منه، ومات النقباء العشرة الذين أفشوا الخبر بغتة، وكل من دخل التيه ممن جاوز عشرين سنة مات في التيه غير يوشع وكالب، ولم يدخل أريحا أحد ممن قالوا: " إنا لن ندخلها أبدا " فلما هلكوا وانقضت الأربعون السنة ونشأت النواشي من ذراريهم ساروا إلى حرب الجبارين، وفتح الله لهم.