عليهم في السنة الثالثة القمل، (1) فذهبت زروعهم وأصابتهم المجاعة.
فقال فرعون لموسى: إن رفعت عنا القمل (2) كففت عن بني إسرائيل، فدعا موسى ربه حتى ذهب القمل، وقال: أول ما خلق الله القمل في ذلك الزمان، فلم يخل عن بني إسرائيل، فأرسل الله عليهم بعد ذلك الضفادع، فكانت تكون في طعامهم وشرابهم، و يقال: إنها كانت تخرج من أدبارهم وآذانهم وآنافهم، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا، فجاؤوا إلى موسى فقالوا: ادع الله أن يذهب عنا الضفادع فإنا نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا موسى ربه فرفع الله عنهم ذلك، فلما أبوا أن يخلوا عن بني إسرائيل حول الله ماء النيل دما، فكان القبطي يراه دما، والإسرائيلي يراه ماء، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماء، وإذا شربه القبطي كان دما، فكان القبطي يقول للإسرائيلي: خذ الماء في فمك وصبه في فمي، فكان إذا صبه في فم القبطي تحول دما، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا، فقالوا لموسى: لئن رفع الله عنا الدم لنرسلن معك بني إسرائيل، فلما رفع الله عنهم الدم غدروا ولم يخلوا عن بني إسرائيل فأرسل الله عليهم الرجز وهو الثلج ولم يروه قبل ذلك فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل، فدعا ربه فكشف عنهم الثلج فخلى عن بني إسرائيل، فلما خلى عنهم اجتمعوا إلى موسى عليه السلام وخرج موسى من مصر واجتمع عليه من كان هرب من فرعون، وبلغ فرعون ذلك فقال له هامان: قد نهيتك أن تخلي عن بني إسرائيل فقد اجتمعوا إليه، فجزع فرعون وبعث في المدائن حاشرين، وخرج في طلب موسى.
قوله: " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون " يعني بني إسرائيل لما أهلك الله فرعون ورثوا الأرض وما كان لفرعون. قوله: " وتمت كلمة ربك " يعني الرحمة بموسى تمت لهم.
قوله: " وما كانوا يعرشون " يعني المصانع والعريش والقصور. (2)