فكانت عذابا لهم ومعجزات لموسى " وقالوا يا أيها الساحر " يعنون بذلك: يا أيها العالم، وكان الساحر عندهم عظيما يعظمونه ولم يكن صفة ذم، وقيل: إنما قالوا استهزاء به، وقيل: معناه: يا أيها الذي غلبنا بسحره، يقال: ساحرته فسحرته أي غلبته بالسحر " إنا لمهتدون " أي راجعون إلى ما تدعونا إليه متى كشف عنا العذاب " تجري من تحتي " أي من تحت أمري، وقيل: إنها كانت تجري تحت قصره وهو مشرف عليها " أفلا تبصرون " هذا الملك العظيم وقوتي وضعف موسى " مهين " أي ضعيف حقير يعني به موسى، قال سيبويه والخليل: عطف أنا بأم على قوله: " أفلا تبصرون " لان معنى أم أنا خير أم تبصرون، (1) لأنهم إذا قالوا: أنت خير منه فقد صاروا بصراء عنده " ولا يكاد يبين " أي ولا يكاد يفصح بكلامه وحججه للعقدة التي في لسانه.
وقال الحسن: كانت العقدة زالت عن لسانه حين أرسله الله كما قال: " واحلل عقدة " وقال تعالى: " قد أوتيت سؤلك " وإنما عيره بما كان في لسانه قبل، وقيل: كان في لسانه لثغة (2) فرفعه الله تعالى وبقي فيه ثقل " فلو لا القي عليه أسورة من ذهب " كانوا إذا سودوا رجلا سوروه بسوار من ذهب، وطوقوه بطوق من ذهب " مقترنين " أي متتابعين يعينونه على أمره الذي بعث له، ويشهدون له بصدقه، وقيل: متعاضدين متناصرين " فاستخف قومه " أي استخف عقولهم فأطاعوه فيما دعاهم إليه لأنه احتج عليهم بما ليس بدليل، وهو قوله: " أليس لي ملك مصر " وأمثاله " فلما آسفونا " أي أغضبونا، وغضب الله على العصاة إرادة عقابهم، وقيل: أي آسفوا رسلنا انتقمنا لأوليائنا منهم " فجعلناهم سلفا " أي متقدمين إلى النار " ومثلا " أي عبرة وموعظة " للآخرين " أي لمن جاء بعدهم يتعظون بهم. (3) " ولقد فتنا " أي اختبرنا وشددنا عليهم التكليف " رسول كريم " أي كريم الافعال و الأخلاق، أو عند الله، أو شريف في قومه " أن أدوا إلي عباد الله " أي أطلقوا بني إسرائيل