فعل بها، قال الوالبي عن ابن عباس: يسأل العباد فيما استعملوها.
وفي قوله: " ليكون الرسول شهيدا عليكم ": أي بالطاعة والقبول، فإذا شهد لكم صرتم به عدولا تستشهدون على الأمم الماضية بأن الرسل قد بلغوهم الرسالة، وأنهم لم يقبلوا، وقيل: معناه: ليكون الرسول شهيدا عليكم في إبلاغ رسالة ربه إليكم، وتكونوا شهداء على الناس بعده بأن تبلغوا إليهم ما بلغه الرسول إليكم.
وفي قوله عز وجل: " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ": بين سبحانه أن ذلك العذاب يكون في يوم تشهد ألسنتهم فيه عليهم بالقذف، وسائر أعضائهم بمعاصيهم. وفي كيفية شهادة الجوارح أقوال: أحدها أن الله يبنيها ببنيه يمكنها النطق والكلام من جهتها فتكون ناطقة، والثاني أن الله تعالى يفعل فيها كلاما يتضمن الشهادة فيكون المتكلم هو الله تعالى دون الجوارح، وأضيف إليها الكلام على التوسع لأنها محل الكلام، والثالث أن الله تعالى يجعل فيها علامة تقوم مقام النطق بالشهادة، ويظهر فيها أمارات دالة على كون أصحابها مستحقين للنار، فسمي ذلك شهادة مجازا كما يقال: عيناك تشهدان بسهرك، وأما شهادة الانس فبأن يشهدوا بألسنتهم إذا رأوا أنه لا ينفعهم الجحود. وأما قوله: " اليوم نختم على أفواههم " فإنه يجوز أن يخرج الألسنة ويختم على الأفواه، ويجوز أن يكون الختم على الأفواه في حال شهادة الأيدي والأرجل " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق " أي يتمم الله لهم جزاءهم الحق، فالدين بمعنى الجزاء، ويجوز أن يكون المراد جزاء دينهم الحق. وفي قوله: " اليوم نختم على أفواههم ": هذا حقيقة الختم فيوضع على أفواه الكفار يوم القيامة فلا يقدرون على الكلام والنطق.
وفي قوله تعالى: " فهم يوزعون ": أي يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا ولا يتفرقوا " حتى إذا ما جاؤوها " أي جاؤوا النار التي حشروا إليها " شهد عليهم سمعهم " بما قرعه من الدعاء إلى الحق فأعرضوا عنه " وأبصارهم " بما رأوا من الآيات الدالة على وحدانية الله فلم يؤمنوا، وسائر " جلودهم " بما باشروه من المعاصي والاعمال القبيحة، وقيل: المراد بالجلود هنا الفروج على طريق الكناية عن ابن عباس و