المفسرين. (1) " وقالوا " يعني الكفار " لجلودهم لم شهدتم علينا " أي يعاتبون أعضاءهم فيقولون: لم شهدتم علينا؟ " قالوا " أي فيقول جلودهم في جوابهم: " أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ " أي مما ينطق، والمعنى: أعطانا الله آلة النطق والقدرة عليه وتم الكلام، ثم قال سبحانه: " وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون " في الآخرة " وما كنتم تستترون أن يشهد " أي من أن يشهد " عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم " أي لم يكن مهيأ لكم أن تستتروا أعمالكم عن هذه الأعضاء، لأنكم كنتم بها تعملون فجعلها الله شاهدة عليكم في القيامة، وقيل: معناه: وما كنتم تتركون المعاصي حذرا أن تشهد عليكم جوارحكم بها، لأنكم ما كنتم تظنون ذلك " ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون " لجهلكم بالله تعالى فهان عليكم ارتكاب المعاصي لذلك، وروي عن ابن مسعود أنها نزلت في ثلاثة نفر تساروا فقالوا: أترى أن الله يسمع تسارنا؟ ويجوز أن يكون المعنى أنكم عملتم عمل من ظن أن عمله يخفى على الله، وقيل: إن الكفار كانوا يقولون: إن الله لا يعلم ما في أنفسنا ولكنه يعلم ما نظهر " وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرديكم " " ذلكم " مبتدء، و " ظنكم " خبره، و " أرديكم " خبر ثان، ويجوز أن يكون " ظنكم " بدلا من " ذلكم " والمعنى: وظنكم الذي ظننتم بربكم أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون أهلككم، إذ هون عليكم أمر المعاصي، وأدى بكم إلى الكفر " فأصبحتم من الخاسرين " أي وظللتم من جملة من خسرت تجارته لأنكم خسرتم الجنة وحصلتم في النار.
وقال الصادق عليه السلام: ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه يشرف على النار ويرجوه رجاءا كأنه من أهل الجنة، إن الله تعالى يقول: " وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم " الآية: ثم قال: إن الله عند ظن عبده به، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.
" فإن يصبروا فالنار مثوى لهم " أي فإن يصبر هؤلاء على النار والامهال و ليس المراد به الصبر المحمود ولكنه الامساك عن إظهار الشكوى وعن الاستغاثة