قال: إن الروح مقيمة في مكانها: روح المحسنين (1) في ضياء وفسحة، وروح المسئ في ضيق وظلمة، والبدن يصير ترابا منه خلق، (2) وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها فما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها، وإن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب فإذا كان حين البعث مطرت الأرض (3) فتربو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إذا مخض (4) فيجتمع تراب كل قالب (5) فينقل بإذن الله تعالى إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا الخبر. " ص 192 " بيان: فتربو الأرض أي تنمو وتنتفخ يقال: ربي السويق: أي صب عليه الماء فانتفخ.
6 - الإحتجاج: عن حفص بن غياث قال: شهدت المسجد الحرام وابن أبي العوجاء يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " ما ذنب الغير؟ قال: ويحك هي هي وهي غيرها، فقال: فمثل لي ذلك شيئا من أمر الدنيا، قال: نعم، أرأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردها في ملبنها (6) فهي هي وهي غيرها. " ص 194 " ايضاح: يحتمل أن يكون المراد أنه يعود شخصه بعينه وإنما الاختلاف في الصفات والعوارض غير المشخصات، أو أن المادة متحدة وإن اختلفت التشخصات والعوارض وسيأتي تحقيقه. (7)