البدن الذي كمل فيه الايمان وتصريف فيه وصار روحه أنه إيمان، وكذا الصلاة و الزكاة وسائر الطاعات، وهذا في القرآن أظهر لأنه قد انتقش بلفظه ومعناه واتصف بصفاته ومؤداه واحتوى عليه وتصرف في بدنه وقواه، فبالحري أن يطلق عليه القرآن فإذا عرفت ذلك ظهر لك سر الأخبار الواردة في أن أمير المؤمنين عليه السلام هو كلام الله و هو الايمان والاسلام والصلاة والزكاة، وقس على ذلك حال أعدائه وما ورد أنهم الكفر والفسوق والعصيان وشرب الخمر والزنا وسائر المحارم، لاستقرار تلك الصفات فيهم بحيث صارت أرواحهم الخبيثة، فلا يبعد أن يكون المراد بالصورة التي يأتي في القيامة هو أمير المؤمنين عليه السلام فيشفع لمن قرأ القرآن لأنه روحه، ولا يعمل بالقرآن إلا من يتولاه، وينادي القرآن بلعن من عاداه. ثم ذكر عليه السلام لرفع الاستبعاد أن الصلاة رجل وهو أمير المؤمنين فهو ينهى الناس عن متابعة من كمل فيه الفحشاء والمنكر - يعني أبا بكر وعمر - على هذا لا يبعد أن يكون قوله عليه السلام: أسمعك كلام القرآن؟ أشار به إلى أنه عليه السلام أيضا القرآن وكلامه كلام القرآن، وسيأتي مزيد توضيح لهذا التحقيق في كتاب الإمامة، وأنت إذا أحطت بذلك وفهمته انكشف لك كثير من الاسرار المطوية في أخبار الأئمة الأطهار عليهم السلام فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
17 - الحسين بن سعيد أو النوادر: القاسم بن محمد، (1) عن علي (2) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه وحاسبه فيما بينه وبينه فيقول: عبدي! فعلت كذا وكذا وعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم يا رب قد فعلت ذلك، فيقول: قد غفرتها لك وأبدلتها حسنات، فيقول الناس: سبحان الله أما كان لهذا العبد سيئة واحدة؟! وهو قول الله عز وجل: " فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب